التعايش مع الفساد!

التعايش مع الفساد!

وصلنا اليوم إلى مرحلة أصبحنا فيها نقبل بفساد أي مسؤول شريطة أن يعمل .. وأن يكون فساده ضمن الحدود المعقولة!

وهذه أخطر حالات الوهن والضعف التي تصيب أي مجتمع، إذ أن التسليم الشعبي بضرورة التعايش مع الفساد ليس سوى اعتراف ضمني بانتصار الفساد اجتماعياً ومؤسساتياً، ونعي لقيم كثيرة عاش عليها المجتمع وضحى من أجلها.
لاحظوا معي أنه حتى في أحاديثنا العامة جميعاً، وعند تقييمنا لبعض الشخصيات العامة بدأنا نقول : صحيح أن المسؤول الفلاني فاسداً .. لكنه "شغيل".
أو نقول: إن فلاناً لم يكن همه إلا نهب المال العام، حتى أنه لم يفكر في إنجاز عمل يحفظ ماء وجه في هذا المنصب أو ذاك...
وللأسف... ليس هناك من خيار آخر ، طالما أنه لا توجد إرادة حقيقية لمحاسبة الفاسدين وحماية الكوادر الشريفة، إذ لو كانت هذه الإرادة متوفرة لما بقي بعض المسؤولين والموظفين في مناصبهم لسنوات رغم كل المؤشرات والمعلومات، التي تؤكد نهبهم للمال العام وهدره .. هذا عدا عن أشكال التخريب الذي يتسببون به يومياً.
فالمسؤول الفاسد ليس فقط ذلك الذي يسرق وينهب ويهدر المال العام عامداً متعمداً، وإنما هو أيضاً المسؤول الذي يفتقد لأدنى مهارات الخبرة والإدارة والمعرفة ... والمصيبة الحقيقية عندما تجتمع الحالتان مع بعضهما البعض.
ولدى كل منا أمثلة كثيرة في هذا المجال .. وبعض هذه الأمثلة عن معرفة ويقين، وليس قيل عن قال أو نقلاً عما ينشر في صفحات التواصل الاجتماعي.
وأعتقد أن ما نعرفه نحن كمواطنين عن بعض المسؤولين والموظفين الفاسدين، تعرف الدولة أضعافاً مضاعفة، وهو ما يطرح تساؤلات عن أسباب تأخرها في النيل من هؤلاء وإعادة الأمور إلى نصابها، خاصة وأن البلاد تواجه اليوم مرحلة مصيرية؟
لا نريد من المسؤولين الفاسدين أن يعتذروا للشعب .. أو أن يلقوا بأنفسهم من مكاتبهم تكفيراً عن ذنوبهم .. أو أن يتنازلوا عما جمعوه من ثروات وأموال لصالح الخزينة العامة أو الجمعيات الخيرية. . وغير ذلك.
كل ما نريده منهم في زمن لا يعلو فيه فعل المحاسبة على ما سواه .. أن يكونوا قنوعين بعض الشيء في مشروعات فسادهم  فلا يكون فسادهم على حساب لقمة طفل جائع، أو علبة دواء لكبير في السن خاض حروب العرب كافة، أو على حساب سلامة غذاء مواطن فقير... الخ.
وستكون البلاد ممتنة أكثر لهؤلاء، إذا ما قرروا أن يستقيلوا من وظائفهم ومناصبهم ليتفرغوا لإدارة شركاتهم وأعمالهم الخاصة، وتحديداً تلك الموجودة خارج البلاد... فعسى أن يأتي من هو أكثر حرصاً على المصلحة العامة.... أو أقل فساداً!

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني