حديث الاستثناءات!

حديث الاستثناءات!

حتى عندما يتفق المواطن مع الحكومة حيال ضرورة اتخاذ بعض القرارات، يأتي التنفيذ ليفسد كل شيء.وكي لا نسترسل كثيراً في شرح أبعاد هذه العبارة، دعونا نأخذ الإجراءات الحكومية الأخيرة كمثال آني يوضح ما سبق ذكره..
فهذه الإجراءات لم تخرج عن دائرة الخطوات العالمية المتخذة لمواجهة خطر انتشار فيروس كورونا، وإن كان هناك اختلاف في توقيت كل إجراء بحكم رؤية كل حكومة لأهمية وأولوية كل إجراء، وعداد الإصابة بالفيروس في كل دولة... والأهم طريقة تنفيذ تلك الإجراءات، والتي غالباً تنطلق من خصوصية كل دولة واعتباراتها السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والجغرافية..
لدينا... يمكن تسجيل ملاحظتين على عملية تنفيذ الإجراءات الحكومية الوقائية، الأولى أنها تتم دون أدنى اهتمام بأدق التفاصيل، وهذا ما يدفع لاحقاً الوزارات والمؤسسات المعنية إلى مراجعة إجراءاتها وتوضيحها بسلسلة بيانات ولقاءات إعلامية وتعاميم خاصة. وهي نقطة ضعف شديدة تظهر وكأن الإجراءات تتخذ دون دراسة أو تخطيط مسبق...
أما الملاحظة الثانية فهي تتمثل في الاستثناءات التي ترافق عملية تنفيذ كل إجراء، وتتسبب إما بتذمر شعبي واضح لعدم عدالة تلك الاستثناءات، كما حدث مع الاستثناءات التي رافقت تعليمات منع التنقل بين الأرياف والمحافظات، أو تتسبب بمزيد من المشقة والمعاناة للمواطنين التي تقتضي طبيعة عملهم استثنائهم من هذا الإجراء أو ذاك...
في مثل هذه الظروف... فإن أي إجراء حكومي يجب أن يحسب بدقة متناهية، وأن تكون مبرراته مقنعة عند تسويقه إعلامياً... وإلا فإن المواطن سيكون على الضفة الأخرى، وتالياً فكل الجهود ستذهب سدى...!
أن تكون هناك استثناءات تقتضيها ضرورة عمل المؤسسات الخدمية والإنتاجيةـ، فهذا أمر مبرر.. لكن شريطة أن تكون الاستثناءات مدروسة ومتخذة بناء على معطيات وبيانات إحصائية، وليس بناء على نقاشات واجتهادات شخصية ...
مثلاً... ما هي المعطيات التي تم الاستناد عليها لاستثناء سكان ضاحية الأسد، ضاحية قدسيا، يعفور،.. وغيرها من قرار منع التنقل بين دمشق وريفها؟
هل لدى وزارة الداخلية بيانات إحصائية تتعلق بأماكن سكن العاملين في مؤسسات الدولة، وتبين من خلال مقاربة تلك البيانات أن القسم الأعظم من العاملين في مؤسسات الدولة، والذين هناك حاجة لتواجدهم اليومي على رأس عملهم، يقطنون في المناطق المستثناة؟
هل هناك بيانات تتعلق بحركة المواطنين القاطنين في مناطق ريف دمشق باتجاه العاصمة يومياً، وتبين من خلال تحليل تلك البيانات أن المناطق المستثناة كانت الأقل لجهة تسبب قاطنيها بحالة الازدحام الحاصلة يومياً في العاصمة؟
الوجه الآخر للاستثناءات الأخيرة.... هل كل محتاج لاستثناء يمكن أن يحصل عليه دون مشقة الوقت والجهد  طالما كانت مبرراته موضوعية وموثقة؟
هناك مواطنون كثر تتطلب طبيعة أعمالهم التنقل بين الريف والمدينة أو  الحضور ليلاً في أعمالهم، ووفق التعليمات الصادرة فإن هؤلاء مطالبين بالحصول على موافقة خطية من المحافظ... والسؤال كيف؟ وهل بإمكان أي مواطن أن يصل إلى مكتب المحافظ؟
في الإمارات العربية المتحدة تم تخصيص رقم هاتف مجاني وإيميل خاص بإمكان أي مواطن طلب الحصول على استثناء من حظر التجول وتقديم مبرراته، وفي حال تمت الموافقة على طلبه ترسل له رسالة نصية برقم الموافقة، والتي توزع في الوقت نفسه على الوحدات الشرطية..
وبهذا تكون الفرصة متاحة بالتساوي بين جميع المواطنين... ويتحول الاستثناء من ميزة يحصل عليها البعض، إلى حق لمن يقدم وثائقه ومبرراته الموضوعية.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني