إن لم تنخفض الأسعار فإنكم تبيعون الناس الوهم!

إن لم تنخفض الأسعار فإنكم تبيعون الناس الوهم!

انتهى الشهر الأول من 2023 أو يكاد، عام بدأناه مع الارتدادات القاسية لتراجع سعر صرف العملة الوطنية على مختلف أنواع السلع والخدمات، واضطرت الحكومة ممثلة بمصرف سورية المركزي لتعديل سعر الصرف الرسمي لليرة محاولة منها لتقليص الفجوة مع سعرها في السوق الموازية.


مع بداية هذا الشهر رفع المركزي سعر صرف دولار البدلات من 2800 إلى 4500، وسعر دولار الحوالات من 3000 ليرة إلى 4500 ليرة، وسعر دولار الجمار من 3000 ليرة إلى 4000 ليرة للشراء و4040 ليرة للمبيع.


كل الضخ الإعلامي وما رافقه من تصريحات حكومية لتحييد العامل النفسي لم ينجح في تحقيق استقرار سعر الليرة، وبقي سعرها التوازني غير معلن وغير معروف أصلاً!، وبقيت أسعار المستهلك عند أعلى نقطة وهي مستمرة في رحلة صعودها.


وبعد أن كان مصرف سوريا المركزي يتعامل مع اهتزازات سعر الصرف من خلال إجراءات غير معلنة (لم يعد البحث فيها أو الكشف عنها مجدياً طالما أنها فشلت في مناسبات مختلفة)، بدأ مؤخراً اتخاذ إجراءات معلنة، وأصدر قرارين دفعة واحدة تضمنا تعديلات على التعليمات المتعلقة بعمليات التجارة الخارجية، (تضمن القرار 112 تسهيل الاجراءات الخاصة بمنح الموافقة للصناعيين المصدرين، للاستفادة من كامل قطع التصدير لتمويل مستورداتهم، بينما تضمن القرار 113 إجراء بعض التعديلات على القرار 1071 الخاص بتنظيم تعهدات التصدير).


الواضح أن هذين القرارين صدرا بضغط من فعاليات اقتصادية بعد أن شنوا هجوماً واسعاً على آلية تمويل المستوردات عبر المنصة، واعتبروها المتسبب الرئيس بارتفاع الأسعار وتراجع وتيرة العمل، فأراد المركزي على ما يبدو مسك العصا من المنتصف، الأمر الذي قد لا تقبله تلك الفعاليات وستدفع باتجاه تحجيم دور المنصة إلى حد إلغائها.


بالمقابل ذهبت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى التخلي نشرات الأسعار، وعممت الوزارة في السادس عشر من الشهر الجاري على مديرياتها باعتماد فاتورة المنتجين المستوردين وتجار الجملة أساس في تحديد مبيع المستهلك وفق نسب الأرباح المحددة، وذلك في محاولة أخرى لتهدئة روع أصحاب الفعاليات الاقتصادية.


بطبيعة الحال فإن ما سبق (ونقصد إجراءات المركزي وتعميم التجارة الداخلية) يظهر أن الحكومية خلال الشهر الأول من العام الجاري ذهبت باتجاه التماهي مع رغبات أصحاب الفعاليات الاقتصادية، وهذه ليست مشكلة بحد ذاتها، فمن الطبيعي أن تعدل الحكومة إجراءاتها الاقتصادية لضمان استمرار العمل، وخاصة بعد فترة عصيبة شهدت شحاً في المحروقات مترافقاً بتراجعات حادة في سعر العملة الوطنية، ولكن ما هو غير طبيعي أن لا تأخذ الحكومة بعين الاعتبار انعكاس تلك الاجراءات على معيشة المواطن "المستهلك"، فلكي يفهمها أو يلمسها المستهلك يجب أن تنعكس على قدرته الشرائية، وإلا فإن الحكومة تبيع الناس الوهم.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني