مؤشرات ومقاربات اقتصادية سورية

مؤشرات ومقاربات اقتصادية سورية

كثرت الدراسات والابحاث والمقاربات التي تحاول تحليل مستوى معيشة المواطن السوري والوصول إلى مقاربة دقيقة لحجم الدخل المطلوب البعض انطلق بسطحية عبر مقاربة الدخل مقيما بسعر الصرف بين عام 2011 والوقت الحالي والبعض انطلق من اسعار المواد الاساسية واعتقد شخصيا أن المقاربات غير دقيقة لعدة اعتبارات
متوسط الدخل الشهري عام 2010 حوالي 25000 ليرة سورية أي ما يعادل 500 دولار امريكي او بالقيمة الحالية سبعة ملايين ونصف ولكن في تلك الفترة كانت الحكومة تقدم الكهرباء والمازوت والبنزين والخبز والغاز والمواد الاساسية بشكل شبه مجاني فمثلا سعر جرة الغاز كان 175 ليرة او ما يعادل نسبة 0,7% من الدخل اليوم سعر جرة الغاز يعادل حوالي 8% من الدخل وبشكل مقنن
اذا قارنا مع الذهب كان سعر الغرام حوالي 1400 ليرة أي كان الاجر يعادل 17,8 غرام ذهب سعرها اليوم حوالي 17 مليون ليرة ولكن ايضا المقاربة غير صحيحة فسعر اونصة الذهب ارتفع عالميا عدة اضعاف
بالمقارنة مع اسعار بعض السلع الاساسية كان سعر لتر زيت عباد الشمس خمسون ليرة أي كان الاجر يعادل خمسمائة لتر زيت أي الدخل وفق المؤشر والقيمة الحالية بحدود 12,4 مليون ليرة اما السكر والرز كان سعر كيلو الرز 30 ليرة والسكر 20 ليرة فإذا اعتبرنا كيلو رز وسكر كتلة واحدة بسعر خمسون ليرة الراتب كان يشتري خمسمائة وحدة منها بتطبيق نفس الحساب تكون القيمة الحالية للأجر حوالي 16 مليون ليرة سورية
إذا اخذنا رقما متوسطا منسوبا لكافة المقاربات والمؤشرات السابقة يكون متوسط الاجر المطلوب اليوم في سورية حوالي 13,2 مليون ليرة سورية ولكن حتى هذا الرقم لا يعبر عن الاحتياجات الحقيقية فرقم الـ 25000 المطبق عام 2010 كان يتضمن رقم شبه صفري لمصاريف التعليم والصحة والمحروقات والكهرباء والخبز! اليوم تلك الارقام تشكل نسبا كبيرة من اجمالي دخل الاسرة ؟ هذا من جهة ومن جهة ثانية يحصل المواطن على حوالي 4% من هذا الرقم فقط وهنا يبرز التساؤل الاهم من اين يسد المواطن الـ96% الباقية؟
التساؤل الاكثر أهمية هو من اين ستؤمن الحكومة التمويل لسد الفجوة بين ما يحصل عليه المواطن وما يحتاجه؟
لنكن واقعيين الفجوة كبيرة جدا وهي فجوة تراكمية وليست وليدة اللحظة وبالتالي المعالجة ستكون تراكمية وليست لحظية وقد يتساءل البعض لماذا تراكمية وكيف سيتحمل المواطن؟
هناك عدة اعتبارات تجعلها تراكمية ولكن يبقى الاعتبار الاهم في الموارد الحكومية وليس خفيا على أحد في ظل المعطيات الحالية لاسيما غياب موارد النفط والقمح موارد الحكومة الحقيقية شبه صفرية فكل الضرائب والرسوم التي تجبى لا تعادل شيئا في ظل اسعار الصرف الحالية.
السياسة الحكومية حتى تكون فعالة وناجعة وملموسة من المواطنين يجب ان تعتمد تضييق الفجوة رويدا رويدا بشكل فعال ومحسوس مثلا انتظام توريد المواد المقننة ومن رز وسكر وزيت بشكل دوري يخفف من الفجوة ايضا من اكثر العوامل الضاغطة مصاريف التعليم وهنا اعتقد ان الوقت حان لمشاركة القطاع الخاص في الادارة في ظل اخفاق المدارس الحكومية عن تقديم الخدمات المطلوبة بالرغم من الانفاق الحكومي الهائل في القطاع  ويكون ذلك عبر تغيير دور الحكومة من دور يرتكز بصفة أساسية على توريد الخدمات التعليمية، إلى دور قوامه التمويل والتنسيق، مع السماح بالمنافسة في توريد الخدمات بين الموردين من كلا القطاعين العام والخاص، وضمان أن الفقراء سيكون لديهم اختياراتهم كمستهلكين من خلال نظام الكوبونات مثلا لدعم الطلب. ويمكن تطبيق اجراءات مماثلة بتقنيات اخرى في قطاع الصحة بحيث يكون الهدف رفع كفاءة الانفاق بشكل يؤدي الى تخفيض مصاريف الاسرة السورية على قطاعات الصحة والتعليم وهذا من شأنه توجيه الوفر لدى الاسرى الى مجالات اخرى وبالتالي يحسن مستوى المعيشة ويخفض الفجوة بين الإيرادات الاسرية والنفقات بشكل ملموس كما من شأنه تخفيض عجز الحكومة من خلال تخفيض الاستنزاف غير المجدي في بعض القطاعات.

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني