التضخم الجارف في سورية بلا حلول

التضخم الجارف في سورية بلا حلول

تعتبر قضية التضخم من أعقد القضايا التي تواجه الحكومات فهي كفيلة بامتصاص اية اجراءات يمكن للحكومات ان تتبعها لتحسين مستوى المعيشة وخاصة عند الوصول لحد التضخم الجارف وهذا ما يحصل حاليا في الاسواق فارتفاع الأسعار على الرغم من ثبات سعر صرف الدولار اﻷمريكي، يعني المزيد من تراجع القوة الشرائية لليرة السورية والمزيد من الانخفاض في الدخول الحقيقية للمواطنين خاصة اصحاب الدخول الثابتة.
في ظل غياب ارقام دقيقة بلغ معدل التضخم بين عامي 2011 و2021 بلغ وفقا للكتاب السنوي للمكتب المركزي للإحصاء 3852.29 بالمئة، بينما قدرت وزارة المالية في بيانها المالي معدلات التضخم لعام 2022 بـ100.7 بالمئة، ولعام 2023 بـ104.7 بالمئة، وبذلك يكون معدل التضخم بين عامي 2011 و2023 قد بلغ 16137.32 بالمئة، أي إن الأسعار ازدادت بما يتجاوز 161 مرة بين العامين المذكورين.
إذا اردنا اخذ مقاربة بسيطة لعدة سلع مثل السكر والزيت والمتة مثلا كانت اسعارها خمسون ليرة لعبة الزيت وعشرون ليرة لكيلو السكر وخمس وعشرون ليرة لعلبة المتة , اليوم عبوة الزيت بـ 20000 ليرة والسكر 14000 ليرة والمتة 17000 ليرة أي بلغت نسبة الزيادة 400 ضعف للزيت و700 ضعف للسكر و680  ضعف للمتة وبالمتوسط يكون 593 أي ان رقم التضخم الحقيقي يكون  59300
هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن ارتفاع اﻷسعار في اﻷسواق والتضخم، "يفقد المنتج الوطني القدرة على المنافسة بالأسواق الداخلية والخارجية، ومعه يزداد الطلب على المستوردات مقابل تراجع الطلب على المنتج الوطني، وبالتالي زيادة حالة العجز في الميزان التجاري والمزيد من التراجع في قيمة العملة وبالتالي الدوران في حلقة مفرغة
وعلى الرغم من اجراءات الحكومة  لرفع أجور المواطنين خلال سنوات الحرب، التي ارتفعت من حوالي 20000 ليرة بالمتوسط لتلاقي عتبة 300000 مع التعويض بالمتوسط الدخل الحقيقي انخفض بنسب تبلغ اكثر من 90% وهنا جوهر القصيد.

الاسباب كثيرة بعضها هيكلية متجذرة في اﻻقتصاد نتيجة ارتفاع التكلفة الناتج عن رفع أسعار حوامل الطاقة عدة مرات، والذي انعكس بشكل ارتفاع تكلفة أسعار السلع والخدمات المنتجة في الداخل، وزيادة الاعتماد على الاستيراد للمشتقات النفطية  والقمح، وارتفاع اسعارهما في الخارج خصوصا بعد الحرب الاوكرانية.
بعض المحللين يعتبرون ان الحكومة لجأت إلى التمويل بالعجز من خلال الإصدار النقدي (طباعة العملة)، ونتيجة عدم وجود صادرات والتراجع في المخزون الاحتياطي للدولة (الذهب أو القطع الأجنبي)، أضحى قسم كبير من العملة التي يتم تداولها في سوريا غير مغطى بقوة اقتصادية حقيقية، وهذا يؤدي إلى فائض سيولة في الوقت الذي تتراجع فيه كمية الإنتاج من السلع والخدمات في الداخل، وهو ما قاد في النهاية الى مثل التضخم الجارف الحالي.
اليوم وأيا كان السبب فنحن نواجه ظروف كارثية تتمثل في تضخم جارف يقود معه مستوى معيشة السواد الاعظم من السوريين نحو ادنى حد ممكن  والسؤال المطروح هل نستطيع مواجهة التضخم الجارف؟
لنكن واقعيين ضمن الظروف الموضوعية الحالية من حصار واحتلال وعقوبات وما أضيف إليها من ظروف دولية جديدة انتهت بحرب غزة الامكانيات محدودة جدا وهي اشبه بأبر المورفين لتسكين الم المريض دون علاجه في حال استحالة العلاج.
اليوم اذا ما تمكنت الحكومة من تأمين الحاجات الاساسية للمواطنين واستمرار تقديم خدمات الصحة والتعليم فهو انجاز غير مسبوق أما تحسين المعيشة فهو امر نسبي بطئ جدا ضمن هذه الظروف ومواجهة التضخم الجارف ستكون عبر التوسع في تطبيقات البطاقة الذكية لتشمل خدمات الصحة والنقل عبر تقديم اليات جديدة تخرج المواطنين من تحت رحمة ازمة المواصلات وتكاليف العلاج بانتظار ما ستؤول إليه الظروف الدولية التي قد تحمل انفراجات تعيد للحكومة مواردها الاساسية بشكل يبعدها عن عملية التمويل المستمرة بالعجز ويوقف الموجة التضخمية الجارفة. 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


آخر المقالات

استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني