المضاربات في الذهب والعملة كابوس الاقتصاد السوري

المضاربات في الذهب والعملة كابوس الاقتصاد السوري

المضاربة لغة عبارة عن اتفاق بين طرفين يوفر فيها أحد الطرفين (ربّ المال) الأموال التي يستثمره الطرف الآخر (المضارب) في أحد المشاريع أو الأنشطة الخاصة التي تتوافق مع مبادئ الشريعة مقابل حصوله على حصة من الأرباح على أن يتحمّل الطرف الذي يوفر المال خطر الخسارة. وهي تختلف عن المضاربة الجارية في الاسواق السورية وهي عبارة عن عملية بيع وشراء الذهب والعملات وفقا لتحركات اسعار الصرف والاونصة لجني ارباح غير مشروعة.
ليس من الضرورة أن تحدث المضاربة بنية سيئة، فقد يكون هدفها تجاري ربحي بحت وخالي من الدوافع الانتقامية والابتعاد السياسية الهجومية، إذ تعتبر المضاربة من أسرع وأربح أنواع التجارة في العالم بسبب التقلبات السريعة والحادة لأسعار الصرف في العالم، رغم أنها تتعرض لانتقادات أخلاقية بسبب بعض ممارساتها التي تكون مبنية على الجشع والمقامرة ليست أخلاقية، لا يمكن إلقاء اللوم دومًا على المضاربين في كل مرة تتعثر الدول فيها بواحدة من مشاكل اقتصادها الهيكلية،
منذ بداية الازمة السورية منتصف آذار عام ٢٠١١ ، تراجعت قيمة الليرة السورية بشكل مستمر تقريبا وازداد الفرق بين سعر الصرف الرسمي لليرة وسعرها في السوق السوداء باضطراد. وفي الأشهر الأخيرة من عام ٢٠١٩ ، لعبت الأزمة المالية في لبنان دوراً في انخفاض قيمة الليرة السورية ليبلغ الانخفاض ذروته حاليا ، إلا أن الأسباب العميقة وراء تراجع قيمتها تكمن في البنية الهيكلية أكثر من الظروف الراهنة، وهي تعكس الوضع " القاسي للاقتصاد السوري، حيث قضت الحرب على الكثير العوامل التي سمحت باستقرار نسبي للعملة السورية خلال العقد الأول من القرن الحالي.
ماذا يحصل في الاسواق السورية؟
كبار التجار والصناعيين يندفعون إلى الاسواق الغير رسمية للقطع بحثا عن العملات الصعبة لتغطية تعاملاتهم التجارية غير المغطاة رسميا من جهة ومن جهة ثانية للهروب من فائض السيولة بالليرة السورية خوفا من الخسائر التي يمكن ان يتحملوها نتيجة التراجع المستمر لقيمة العملة المحلية. ففي لحظات الذعر كالأزمة التي نعيشها حالي" يبحث المستثمرون عن ملاذ آمن لحماية أموالهم من الانهيار لاسيما ان الزلزال خفض من العقارات كملاذات أمنة ويتم الاتجاه نحو المعادن الثمينة والعملات القوية.
المواطنون العاديون يسلكون سلوكا اقتصاديا معاكسا عند ارتفاع السعر بالنسبة للذهب والدولار والسيارات حيث يزيد الطلب عليها بشكل جنوني خوفا من حصول مزيد من الانهيارات في قيمة العملة الوطنية وهذا بدوره يؤدي إلى رفع الطلب بشكل كبير وحصول مزيد من الانهيارات في قيمة العملة وتعميق حالة الجمود في الاقتصاد السوري
بعض المواطنين يلجؤون إلى تسهيلات القروض التي تقدمها المصارف حاليا فيقترضون من البنوك ويقومون بشراء الذهب والعملات الصعبة وهذا بدوره يؤدي إلى رفع الطلب أيضا بشكل كبير وتجميد نسبة كبيرة من السيولة وحصول تراجع كبير في قيمة العملة .
اليوم نستطيع القول ان أي فائض سيولة لدى أي طرف سواء مواطن او صناعي او تاجر او مهني او حرفي يتم توجيهه نحو الملاذات الامنة المتمثلة بالذهب والعملات الصعبة وهذ يفاقم المشكلة الاقتصادية ويبطئ عجلة الانتاج بشكل كبير ويجعل من الدورة الاقتصادية منقوصة لوجود تسربات كبيرة تحيد عن الطلب الفعال وتتجه نحو الذهب والعملات
هذا السلوك الخاطئ من قبل المستهلكين  يؤدي إلى انكماش الاقتصاد الوطني وهذا بدوره يؤدي الى آثار تتابعية تصب بجمها بشكل نقص حاد في الايرادات الحكومية وتخفض من قدرة الحكومة على تحريك الاجور لمجاراة ارتفاع الاسعار.
اليوم القضية قضية فقدان ثقة بالعملة المحلية والحل يكون العمل بكافة الوسائل المتاحة على تعميق الثقافة المصرفية لدى المجتمع السوري سواء من خلال التعليمات النقدية والمالية او من خلال الإعلام والبرامج التلفزيونية، وحث الجميع على فتح حسابات مصرفية لدى فروع المصارف العاملة والانتقال بشكل جدي من ثقافة الكاش إلى ثقافة الايداع، مع ايجاد الية تضمن اموال المودعين من التضخم من خلال تثبيت قيمتها وفق سعر الصرف الجاري مع تتبع القروض الممنوحة للتأكد من انها صبت في الغرض الممنوحة لأجله من اجل وقف التراجع الحاد في سعر الليرة الذي يقود بدوره إلى جمود وانكماش اقتصادي مخيف.

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


آخر المقالات

استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني