هل تنجح عملية رفع الدعم وتحرير الاسعار في إنقاذ الاقتصاد السوري

هل تنجح عملية رفع الدعم وتحرير الاسعار في إنقاذ الاقتصاد السوري

تبذل الحكومة السورية جهودا كبيرة لحماية الفقراء وتخفيف العبء عن محدودي الدخل بدعم السلع والخدمات الأساسية وتوفيرها بأسعار مناسبة، مما يساعد على الارتقاء بمستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة وتحقيق التكافل الاجتماعي والاستقرار السياسي. فوفقا لسياسة الدعم الحالية، تخصص الحكومة نسبة كبيرة من الموارد العامة للإنفاق على الدعم بصورة ظاهرة وصريحة، كما تتنازل عن قدر كبير من الإيرادات العامة لتوفر دعما ضمنيا لأسعار عديد من المنتجات والخدمات..
وعلى الرغم من تلك الجهود، تؤكد الأدلة المتاحة أن قدرا كبيرا من هذا الدعم لا يصل إلى مستحقيه ويتسرب لغير مستحقيه. ويؤدي ذلك إلى عدم العدالة الاجتماعية، وتزايد الإنفاق العام، وانخفاض الإيرادات الحكومية، وتترتب عليه زيادة عجز الموازنة العامة وصعوبة إدارة السياسة المالية، وخاصة مع تناقص الإيرادات نتيجة سيطرة المجموعات المسلحة على حقول النفط ناهيك عن العقوبات وظروف الحصار.
اليوم ومع استمرار توقف انتاج النفط الخام السوري وظروف الحرب والحصار والعقوبات اصبح موضوع تلبية احتياجات المواطنين من المازوت والغاز والخبز والمواد التموينية الاساسية يشكل عنصرا ضاغطا على الحكومة السورية 
هذه العوامل دفعت الحكومة السورية إلى إعادة تقييم سياسات الدعم لتصل إلى نتائج يجري الاعداد لتحويلها لقرارات نافذة في القريب العاجل أبرزها أن الحكومة لم تعد قادرة على الاستمرار بنفس السياسات السابقة وكل الاجراءات السابقة لتنظيم وترشيد الدعم لم تحقق الاهداف المرجوة منها.
اليوم بات من الواضح الاتجاه الحكومي لرفع اسعار المحروقات نحو السعر العالمي ومنح بدل نقدي للفئات المدعومة وبرأيي ان هذا القرار تأخر لسنوات طويلة وسبب تأخره استنزافا لموارد الحكومة السورية بشكل مخيف!!!!
السؤال كيف ستقوم الحكومة السورية بإدارة القضية بكفاءة عالية حتى لا تسبب بلبلة في المجتمع السوري وتؤلب الرأي العام ضد الاجراءات بشكل يضغط على الحكومة لوقفها؟
كل  البلدان التي واجهت اشكاليات متعلقة بكفاءة الدعم كانت امام بديلين لتطوير سياسة الدعم يتعلق البديل الأول بإصلاح سياسة الدعم الحالية من خلال مجموعة من المقترحات لرفع الكفاءة الاقتصادية وتحقيق قدر أكبر من العدالة الاجتماعية. أما البديل الثاني فهو التحول من سياسة الدعم السعري الحالية إلى سياسة الدعم النقدي المشروط لمساعدة الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل على الاستثمار في تعليم أفرادها وتحسين حالتهم الصحية، مما يؤدي إلى تنمية رأس المال البشري والارتقاء بنوعية الحياة. وفي سورية البديل الاول أثبت عدم كفاءته بشكل كبير وهنا نتحول إلى البديل الثاني.
بداية يجب تحديد المستحقين للدعم حيث يساعد تحسين عملية استهداف المستحقين للدعم على ضمان وصول الدعم لمستحقيه وعدم تسربه لغير المستحقين له، مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من العدالة الاجتماعية وزيادة قدرة الدولة على تخفيض عجز الموازنة وتمويل الإنفاق على المشاريع الاجتماعية الاخرى.
وتشير التجارب الدولية إلى وجود آليات عديدة لتحديد المستحقين للدعم تعتمد في ذلك على دخل الأسرة أو مؤشرات تقريبية تدل على دخل أو إنفاق الأسرة وتساعد في تحديد مستوى معيشتها ويكون من الصعب التلاعب بها .
و كلما اتسمت الآلية المستخدمة بالدقة في استهداف الفقراء ومحدودي الدخل ارتفعت تكلفتها المالية والإدارية، نظرا لما تتطلبه من جمع قدر كبير من المعلومات عن المستحقين للدعم والتحقق من صحة هذه المعلومات وتحديثها باستمرار وفي توقيت مناسب
المرحلة الثانية الية التطبيق وهنا يمكن الاستفادة من تجارب بعض الدول ففي بعض دول أمريكا اللاتينية، يحصل المواطن المستحق للدعم على بطاقة ذات قيمة نقدية محددة يستخدمها في الحصول على احتياجاته من السلع الأساسية بالأسعار السائدة في السوق. ويسترد البائع قيمة هذه البطاقة من بنك معين تحدده الحكومة وتتمثل الميزة الرئيسية لهذه البطاقات في أنها تستخدم النظام القائم للتسويق وبالتالي لا تتطلب أعباء إدارية جديدة، مما يقلل من التكلفة المالية لبرنامج الدعم. كما أنها تتلافى وجود سعرين لنفس السلعة الواحدة وباعتقادي ان تلك الطريقة هي الانسب في سورية كونها تنهي الاسواق السوداء وترشد استخدام الخيرات المادية في سورية .
الخلاصة تكمن في استحالة الاستمرار في برامج الدعم الحالية كونها ستقود إلى الانهيار الاقتصادي بشكل متسارع ومن جهة اخرى فشل كل الاجراءات البطيئة في التحول نحو نظام فعال للدعم والحاجة إلى تعديلات جذرية وجريئة قد لا تلقى شعبية في الفترة الاولى وهذا طبيعي وقد يزداد سوءا" لدينا بسبب ضعف طرائق الاتصال الشفاف بين المواطن والحكومة ولكنها الحل الامثل واللبنة الاولى لأي عملية اصلاح اقتصادي تستهدف تحسين المستوى المعيشي.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


آخر المقالات

استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني