إن لم نكن نحن، فالمنتخبات اللاتينية.. عقدة العالم الثالث

إن لم نكن نحن، فالمنتخبات اللاتينية.. عقدة العالم الثالث

المشهد | حسن يوسف فخور 


ينقسم الشارع العربي كما في كل القضايا الإنسانية، وتُعتبر الرياضة من أكثر القضايا التي يختلف عليها سكان المِنطقة على اختلاف أعراقهم من المحيط إلى الخليج، وفي مقدمتها كرة القدم التي أشعلت حروباً وأوقفت أخرى في العالم.


تعيش الجماهير العربية على نهج الهزيمة والانتصار الذي تتوارثه بالدم والرضاعة منذ حرب البسوس حتى يومنا هذا، رغم ميول المشجع العربي بالفطرة الإنسانية البسيطة نحو المهارات والجمال الذي قام عليه فن كرة القدم، والذي يمكن اعتباره الفن الثامن إن لم يكن الأول لو لم تخنه تصنيفات الفنون السبعة، حيث يعد ملعب كرة القدم من أقدم المسارح في العالم والتي ظهرت في اليونان القديمة خلال العهد الروماني. 

لا يمكن إنكار دور الإعلام اليوم في التوجييه والتربية وصناعة الرأي العام، وإذا ما اتجهنا نحو التخصص أكثر، فلا أحد يمكنه إنكار دور الإعلام العالمي في صناعة نجوم كرة القدم؛ والشواهد كثيرة.

لو أجريت استطلاعاً سريعاً في الشارع العربي عن كأس العالم، ستجد أنّ معظم الجماهير العربية تشجع منتخبين أو ثلاثة؛ منتخبٌ محترفٌ _أوروبيٌ في الغالب_ واحدٌ على الأقل من خط الهجوم نجمٌ عالميٌ، والآخر منتخبٌ عربيٌ بحكم العِرق واللغة والثقافة، والثالث منتحبٌ لاتينيٌ يرمي الإنسان العربي آماله عليه في حال خذلته المنتخبات العربية بحكم وحدة حال دول العالم الثالث.

أكثر ما يشتهر به اللاتينيون إلى جانب المشروبات الساخنة التي يعيش العالم العربي على طعمتها المحببة في حال كان ثرياً، ودفئها في حال كان فقيراً هو كرة القدم التي اشتهرت بها البرازيل أكثر مما اشتهرت بالبن الذي تصدره للعالم لدرجة إطلاق النكات عليها، كطُرفة أنَّ كل أمٍ برازيليةٍ تنجب لاعب كرة قدمٍ، كذلك الأرجنتين التي اشتهرت بكرة القدم أكثر من مشروب المتة الشعبي في عدة دولٍ في العالم.

يتمسك الإنسان العربي بحلم تتويج إحدى المنتخبين _البرازيل والأرجنتين_ أكثر مما يتمسك بمرتّبه الشهري؛ بدافع المصير المشترك لشعوب العالم الثالث الذين يعانون من الاستعمار والفساد والسرقة، والاستغلال من قبل القوى العظمى والقارة العجوز.

شكلت كرة القدم للشعوب اللاتينية أمل النجاة الوحيد من الفقر المدقع الذي كان يعصف بها؛ نتيجة الظروف السياسية والاقتصادية التي عانت منها البلاد، فخرج البرازيليون _على سبيل الحصر_ من شوارع الأحياء الفقيرة في ساو باولو حفاةً نحو الملاعب المهترئة كما ثيابهم وجدران بيوتهم، فأغنوا الأندية الأوربية بألمع نجومها، وحافظوا على مدى عقودٍ بلقب أكثر منتخبٍ حمل كأس العالم؛ مما جعل كرة القدم البرازيلية من أهم الموارد الاقتصادية التي ساهمت في نهضة المجتمع والدولة البرازيليين.

بينما يركض اللاتينيون معاً كل أربعةِ أعوامٍ على اختلاف انتماءاتهم السياسية خلف كأس العالم؛ تتشنج الجماهير العربية أمام الشاشات تصرخ وتبكي وتفرح، ثم يعودون إلى بيوتهم يُفرِغون ما تبقى من "طناجر" الغداء في أمعائهم، ويهرعون إلى أسرّتهم المهترئة التي يعلوها أحد الرموز الغربية التي صدرتها العولمة؛ يغفون على حلم واقعٍ أفضلٍ وعالمٍ ثانٍ يصون كرامتهم.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر