كورونا والركود التضخمي في مواجهة الاقتصاد السوري..

كورونا والركود التضخمي في مواجهة الاقتصاد السوري..

تعتبر الطبقة الوسطى في أي مجتمعٍ من مجتمعات العالم المحرك الأساسي لعصب الاقتصاد في البلاد, فهي الطبقة التي تعتمد عليها رؤوس الأموال بالتداول, وغالباً ما كانت تندرج عبارة أصحاب الدخل المحدود ضمن هذه الطبقة, قبل أن تضمحل إن لم نستخدم كلمة – تسحق – تحت أقدام ويلات الحرب, وجشع التجار, والحصار الاقتصادي, وسياط أخرى لا يسعنا ذكرها أشبعت هذه الطبقة جلداً, ولم يبقَ منها إلا من كتب الله له طول البقاء.. وما تبقى من هذه الطبقة – الطبقة الوسطى – فلا يمكن الاعتماد عليه لإعادة ولادة هذه الطبقة من جديد..
أهمية الطبقة الوسطى
الطبقة الوسطى هي المنفق الأساسي على السلع والخدمات في المجتمع, ومع انقراض هذه الطبقة ظهرت حالة غريبة عن المجتمعات ككل في المجتمع السوري, ألا وهي حالة سميت بالركود التضخمي, حيث رافقت حالة التضخم ضعفاً شديداً في مبيعات مجمل السلع الأساسية وخاصة الغذائية منها, فرغم ضعف الطلب إلا أن زيادة أسعارها بقيت السمة البارزة لها, وهذا ما أدى إلى ارتفاع معدلات خط الفقر وزيادة قاعدته على حساب الطبقة الوسطى..
شبح ارتفاع الأسعار
عندما تعجز الدولة عن كبح جماح ارتفاع الأسعار, وتستنفذ كل السبل من أجل هذه الغاية يتوجب عليها البحث عن حلولٍ مجدية على المدى القريب والبعيد, وأن تغير الطريق الذي تسير فيه, وهو ما يحصل مع الحالة السورية تماماً, فرغم المبادرات والمهرجانات, والتدخل الإيجابي لصالات السورية للتجارة, إلا أن الأسعار بقيت على حالها, لا بل على العكس ارتفعت أسعار العديد من السلع كما أسلفنا, فأسلحة الدولة لم تفلح بإيقاف تقدم شبح ارتفاع الأسعار, فلا الرقابة على الأسواق أتت أُكلها ولا التدخل الإيجابي أتى بنتائج إيجابية, ولا المبادرات والمهرجانات استطاعت أن تكون بديلاً عن الأسواق, إذاً لا بد من البحث عن حلول أكثر نجاعة حتى نستطيع الخروج من عنق الزجاجة..
أثر كورونا في الاقتصاد
قد لا يختلف تأثير فايروس كورونا على الاقتصاد كما تفعل الحروب تماماً, فهو يستنزف مقدرات الدولة, ويهدر مخزونها من القطع الأجنبي, ويحمّل المواطن أعباءً اقتصادية لم تكن لتدخل في ميزانيات الأسر, وطبعاً يكون ذلك على حساب السلع الغذائية غالباً.. وقد تضافرت العديد من الأسباب بارتفاع معدل الإصابة بالفايروس –كورونا- وبالتالي ازدياد عمره الزمني الذي أدى إلى استنزاف المزيد من ميزانيات الدول, كإعلان الانتصار على الفايروس قبل أوانه, والتخلي عن التدابير الصحية العامة بعودة الحياة إلى طبيعتها, ما أدى إلى ظهور موجة ثانية من العدوى والإصابات, وهذا ما حمّل الدولة أعباءً إضافية بدلاً من دعم المشاريع الأخرى التي من شأنها أن تدفع بعجلة الاقتصاد إلى الأمام, وتحرك المياه في الأسواق الراكدة..
علاج الركود الاقتصادي
ي
عتبر اقتصاديون أن أفضل علاج للركود الاقتصادي هو رفع الإنفاق الاستهلاكي, الذي ينقل البلاد من حالة الركود إلى حلة النمو, والعمل على فتح أسواق جديدة أمام المستثمرين, وتحويل العديد من المؤسسات الغير إنتاجية إلى تلك المؤسسات التي تأتي بمخزونٍ جيد لخزينة الدولة, حتى وإن أدى الأمر إلى حلّها نهائياً.. ولنا في الاتحاد النسائي خير مثالٍ على ذلك, حيث أن الكثير من الاتحادات تعجُّ بالموظفين غير المنتجين الذين يكلفون الدولة مبالغ مالية ضخمة من رواتب وأجور ونفقات, دون أن يكون هناك مقابل يعود بالفائدة على الخزينة العامة للدولة, حتى أن في إلغائها فائدة أكبر من بقائها في مثل هذه الظروف التي تمر بها البلاد, ومن ثم فرض ضرائب بسيطة على بعض المصالح لمساعدتها بالظهور إلى العلن وبالتالي التخلص من اقتصاد الظل, والعمل على الاستفادة من الثروات الغير مستثمرة في البلاد, والبحث عن المنتج المحلي ليكون بديلاً عن المستورد لوقف نزيف القطع الأجنبي, لتأتي المرحلة الأهم وهي مكافحة الفساد والهدر, والعمل على رفع كفاءة المؤسسات النائمة لتكون رافداً للاقتصاد لا عبئاً عليه, ولنا في معمل سكر حمص الذي أغلق لأسبابٍ مجهولة قبل عدة سنوات خير مثال على ذلك..
وإن أردنا فعلاً الخروج من عنق الزجاجة فعلينا أن نضع كل ليرة في مكانها الصحيح, وأن تكون الخطط ليست اسعافية فقط, بل طويلة الأمد, تنتج عن دراسة واعية بعقولٍ خبيرة بالاقتصاد تجمع بين الطرحين السابقين..

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


آخر المقالات

استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني