هل يكسر تعديل آلية التسعير جمود الأسواق السورية؟
انتقد وزير التجارة وحماية المستهلك لؤي المنجد لؤي المنجد، آلية التسعير والأسعار الصادرة عن الوزارة، وأشار إلى أنه لا يتم عادة الإعلان عن التسعيرة الحقيقية للمنتج كي لا يصدم الشارع "لكن بطبيعة الحال الشارع مصدوم بحسب الوزير المنجد.
الوزير خـلال اجتماعه مع مديري التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات قال: "لا أحد في الوزارة مقتنع لا بآلية التسعير ولا بالأسعار الصادرة وهذا السؤال طرحته على الجميع والجواب كان (هكذا جرت العادة) خلال الخمسين سنة الماضية".
وللتوضيح فإنه عادة ما يتحدد سعر سلعة ما بالتلاقي بين العرض والطلب عليها، وفي كثير من دول العالم تتدخل الدول والحكومات لـفرض اسعار اعلى أو أدنى من التكلفة لحماية المنتجين أو المستهلكين أو منع حصول ازمات اثناء الحروب وهو ما طبقته الحكومة السورية عبر سياسات التسعير المتبعة.
الصناعيون سابقا وجهوا انتقادات لاذعة لآليات التسعير في سورية واعتبروها عائقاً كبيراً امام تطور الصناعة وإعادة تدوير عجلة الانتاج .
فبحسب اغلبهم الوزارة تطلب منهم تفصيلات تحديد الاسعار دون مراعاة بعض الكلف الحقيقية المتضمنة الاسعار الحقيقية لبعض المواد كالمحروقات المستجرة بأغلبيها من الاسواق السوداء وتكلفة النقل الحقيقية وتكاليف تمويل المستوردات بشكلها الحقيقي ومع استمرار الربط الالكتروني سيصبح التاجر امام خيارين وفق الية التسعير الحالية إما الخسارة او الاغلاق لعدم قدرته على ادارة العملية التجارية بشكل يغطي التكاليف الحقيقية غير الظاهرة والحديث دوما للتجار والصناعيين.
سياسات التسعير الحالية قادت شركات عريقة للخروج كليا او جزئيا من الاسواق لعدم القدرة على الوصول الى صيغة منطقية للتسعير ودخلت شركات هامشية تقدم منتجات بجودة منخفضة تتوافق مع الاسعار السائدة.
الوزارة حتى نعطيها حقها ليس هدفها تدمير المنشآت إنما هدفت عبر سياسات التسعير السابقة إلى كبح جماح الاسعار وكبت الضغوط التضخمية قدر المستطاع والمواطن إلى حد كبير تماشى مع تلك السياسة من خلال قبول بضائع بجودة متوسطة او منخفضة لتكييف دخله مع متطلبات معيشته.
اليوم تصدر الحكومة نشرة اسعار عبر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ولكن بسعر ثابت للسلعة بغض النظر عن المنتج؟
هنا يتساوى المنتج الجيد والمتوسط من ناحية السعر مع خلاف كبير في الكلف والنوعية والجودة وهذا ما يدفع باتجاه خروج المنتج الجيد من السوق لصالح المنتج الرديء مع كافة التبعات الاقتصادية فالمنتج الرديء يعني عمالة منخفضة من ناحية العدد والاجر وقدرة تصديرية شبه معدومة
سؤال أخر يطرح نفسه بالنسبة للخضار والفواكه هل يمكن اعتماد تسعيرة واحدة في كافة المناطق؟ الجواب بالنفي لاختلاف التكاليف خاصة النقل من منطقة لأخرى ومن مزارع لآخر ومن يوم لآخر حسب ظروف العرض والطلب التي يمكن ان تكون عامل جذب او عامل تنفير للمزارعين باتجاه جني المحصول من عدمه
اليوم وقد فتح السيد الوزير الجرح للعلن ماذا عسانا فاعلين؟
الحل عبر ضوابط محددة ابرزها ان المنتج الرديء يحصل على سعر اعلى بكثير من سعره الحقيقي وهذا يمنحه فرصة قوية لمنح العروض الكمية والنقدية واكتساح الاسواق عكس المنتج الجيد وهنا يجب وضع الضابط الاول وهو الزام المنتج الرديء تخفيض سعره او رفع مستوى جودة السلعة بشكل حقيقي.
الضابط الثاني ان تكون نشرات الاسعار عبارة عن مؤشرات للتجار و لمراقبي الاسواق من خلال تحديد حد أدنى وحد أعلى للسعر يكفل مصالح المنتج والمستهلك ويطبق في صالات السورية للتجارة ومن ثم ترك قوى العرض والطلب تعبر عن نفسها بالأسعار وهنا سيتجه المواطن حسب رغبته وقدرته نحو الاسعار والانواع التي تناسبه اما المنتج الردئ فيحصل على سعر يناسبه ايضا.
ولكن تبقى العبرة في المنتج الجيد حتى لو وجدنا الحل لمشكلة التسعير بإدخال كافة جزئياتها بشكلها الحقيقي وحصل المنتج على سعره الحقيقي هل سيحرك عجلة الاقتصاد؟.
الجواب بالنفي لعدم وجود قدرة شرائية تناسب السعر الحقيقي للمنتج الجيد فاللبنة الاولى لأي عملية تنشيط لحركة الانتاج تبدأ مع رفع الطلب الفعال بشكل حقيقي غير تضخمي وهذا لا يمكن تحقيقه بدون استعادة حقول النفط والقمح وربما تلوح بوارق امل في الافق مع زيادة نشاط وفعالية التحركات السياسية في المنطقة نحو الحل الشامل.