المزارع الريحية لحل أزمة الطاقة للمواطنين
يعود استثمار طاقة الرياح في سوريا إلى بداية عقد الخمسينات من القرن الماضي حيث نقل بعض المغتربين السوريين العائدين من أمريكا الجنوبية تقانة المراوح الريحية الميكانيكية متعددة الشفرات لضخ المياه، وتم تصنيع ما يقارب الـ /4000/ مروحة في ورش صغيرة، وجرى تركيبها في منطقتي حمص والقلمون، وعملت هذه المراوح بنجاح لسنوات عديدة .
من خلال قراءة متأنية لخارطة الرياح في سوريا يمكن تقسيم المناطق الملائمة لاستثمار الرياح والتي تمتلك سرعة وسطية للرياح أكبر من 5 m/s إلى خمس مناطق الاولى منطقة الجبال الساحلية وتمتد من ادلب وحتى غربي حماة وغربي مدينة حمص ” شين ” تمتلك هذه المناطق رياحاً جيدة , الثانية وهي الاهم المنطقة الوسطى وتمتد من مدينة قطينة وباتجاه الشرق حتى تدمر وإلى غربي دير الزور وشرقي الرقة ثم العودة مروراً بقرية الكروم وقرية اثريا حتى سلمية. وتمتاز هذه المنطقة باتساع المساحات الملائمة لإنشاء المزارع الريحية ورخص ثمن الأرض وملاءمتها (أرض رعوية وصحراوية) وتعتبر منطقة قطينة من أفضل مناطق القطر لإنشاء مزارع ريحية على الرغم من كون الأراضي المحيطة زراعية وارتفاع ثمن الأرض إلا أن قربها من شبكة التوتر العالي ورياحها الجيدة تعوض ذلك.
لقد قامت الأرصاد الجوية السورية بدراسات في مختلف مناطق القطر حيث تم تحديد أهم المناطق التي تستثمر فيها العفنات الريحية بشكل اقتصادي في سورية واعتبرت مناطق تدمر والقلمون وقطنة والقنيطرة من أهم المناطق في القطر التي يمكن استخدام طاقة الرياح فيها بشكل اقتصادي.
ويؤدي استخدام الرياح لتوليد الطاقة إلى تخفيض تكاليف إنتاج الطاقة الكهربائية وتخفيض التلوث من خلال تخفيض إنتاج CO2-SO2-NOX
اليوم هناك حقائق دامغة :
الحقيقة الاولى ان الزمن لن يعود إلى الوراء بالنسبة للمازوت والبنزين والكهرباء فما من دولة في العالم تستطيع تقديم الطاقة بالشكل الذي كانت تقدمه الحكومة السورية سابقا.
الحقيقة الثانية سياسة الانتقال إلى الطاقات المتجددة حاليا لن تعالج مشكلة الطاقة للعوام فالمواطنين بالغالب بعد سنوات الحرب وانخفاض الدخول لايملكون قيمة تركيب منظومة طاقة شمسية ولا يستطيعون تحمل دفع اقساط شهرية ثابتة في حال حصولهم على قرض .
الحقيقة الثالثة أن استمرار مشكلة الكهرباء يقود إلى حالة شلل في كافة القطاعات الاقتصادية والخدمية.
نحن امام واقع مؤلم فالحكومة لا تستطيع تحمل كلفة الطاقة المرتفعة والمواطنون لا يستطيعون تحمل كلفة البدائل وكافة البلدان اليوم تواجه ازمات حادة نتيجة سلسلة من الاحداث المتتالية بدأت بجائحة كورونا ومرت عبر زلزال سورية وتركيا وقبله الحرب الروسية الاوكرانية وحرب غزة واليوم حرب لبنان.
الحل الوحيد عبر قيام الحكومة بالحصول على قرض ميسر طويل الاجل من بنوك دولية مع اشراكهم بالاستثمار او طرح مشاريع معينة عليهم مقابل تمويل تكلفة مزارع ريحيه تغطي كافة المناطق التي تثبت الدراسة امكانية اقامة مزرعة ريحية فيها . مع أهمية تبني سياسات التحول لطاقة الرياح المتجددة النظيفة الصديقة للبيئة، لدعم الاقتصاد الأخضر وفقاً لإجراءات عمرانية ومالية وقانونية، باتباع سياسات متكاملة لتعزيز إدماج منهجيات التخطيط في مستويات لتنفيذ السياسات الوطنية المتعمقة بإنتاج طاقة الرياح المتجددة وتشجيع المشاركة المجتمعية للسكان في استثمار طاقة الرياح وتشاركية اتخاذ القرار، من خلال التخطيط الإقليمي والعمراني.