لماذا لم يقلع القطاع الصناعي بعد

لماذا لم يقلع القطاع الصناعي بعد

بالرغم من انقضاء عدة سنوات على انتهاء العمليات العسكرية وعودة الحياة الطبيعية الى مختلف المناطق بعد اكثر من عشر سنوات من معارك ضارية مع المجموعات التكفيرية والارهابية لم يتمكن القطاع الصناعي من العودة الى وضعه الطبيعي قبل الحرب.
وتعاني الشركات والمصانع المحلية التي لم تغلق أبوابها، من انخفاض المبيعات، إذ لم يعد المواطنون يمتلكون القدرة على الشراء بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية ,وانخفاض القوة الشرائية للعملة المحلية، مما أثر بشكل كبير على إنتاج المعامل والمنشآت في معظم المناطق الصناعي.
اذا اردنا ان نعود بالزمن عدة سنوات للخلف نجد ان الاسعار كانت تتضاعف بشكل غير منطقي حتى وصلت إلى حد جعلت من عملية الشراء لدى المواطنين عملية معقدة تعتمد على المفاضلة بين متطلبات حد الكفاف من مأكل ومسكن وتعليم وصحة وتراجع الانفاق على باقي البنود بنسب تجاوزت التسعين بالمائة.
الصناعيون دافعوا عن رفع الاسعار تحت ضغط تكاليف الكهرباء والمازوت والكلف غير المعلنة للنقل والضرائب المرتفعة وتكلفة تمويل المستوردات عبر المنصة من البنك المركزي وهي المعضلة الاهم حاليا، وتكون الآلية على الشكل التالي: على التاجر أو الصناعي الراغب في استيراد أي سعلة من الصناعات الخارجية دفع قيمتها في البنك المركزي، وليتم دفعها عبر قنوات السداد الحكومية متمثلة بغرف التجارة الخارجية في الحكومة.
وتلتزم المنصة بسداد قيمة البضائع الخارجية بعد مئة وخمسين يوماً من دفع قيمتها وهذا ما يشكل عبئاً على التجار والصناعيين في تجميد أموالهم هذه المدة ومنهم من يعود لدفع فرق سعر الصرف إذا طرأ عليه تعديل بحسب تسعيرة المركزي
اليوم المعادلة بسيطة للغاية: حتى يقلع القطاع الصناعي نحتاج دورة اقتصادية متكاملة والدورة الاقتصادية تتوقف على الطلب الفعال والطلب الفعال يتوقف على الدخل والقدرة الشرائية للدخل وهذا بدوره يتوقف على مستويات الاجور واسعار السلع.
إذا اردنا تحليل جزئيات هذه المعادلة البداية تكون من الطلب الفعال أي من تحريك الرواتب والاجور بشكل حقيقي وهنا اعتقد اننا سنشهد عملية تحريك خلال الفترة القادمة اعتمادا على الوفورات المحققة من ترشيد الدعم.
تحريك الاجور حتى يكون مجديا يجب تثبيت الاسعار وهنا نخوض في الجزئية الثانية الاسعار لدى الصناعيين والتجار
المتغيرات في السعر عديدة ابرزها الطاقة والضرائب وكلفة تمويل المستوردات اليوم اعتقد ان الطاقة لم تعد تشكل عنصر ضاغط على الصناعيين مع الانتشار الواسع للطاقة الشمسية والضرائب بلغت اوجها وشملت بالأسعار وكلفة تمويل المستوردات عبر المنصة ثابتة حاليا ورغم الانتقادات الحادة من قبل الصناعيين والتجار لهذه العملية ولكن اعتقد انها ساهمت بشكل فعال في تثبيت سعر الصرف فلو ترك للتجار لتمويل مستورداتهم بشكل مباشر سيصبح هناك طلب ضاغط على العملات الصعبة وندخل في دوامة تضخمية جديدة.
إذا باعتقادي هناك عدة عوامل ستسهم في تثبيت الاسعار خلال الفترة القادمة وبالتالي تحول زيادة الاجور إلى زيادة حقيقية أبرزها عمليات الربط الالكتروني والفوترة التي تنتشر تدريجيا وتثبيت سعر الصرف وانتشار الطاقة الشمسية على نطاق واسع بين الصناعيين والاهم من هذا كله ان الصناعيين أنفسهم بحاجة الى رفع وتيرة مبيعاتهم حتى لا تصاب منشآتهم بالشلل نتيجة العمل بوتيرة منخفضة.
اليوم تبقى القضية الاساسية في قدرة الحكومة على رفع الطلب الفعال من خلال تحريك الاجور بشكل تتابعي وهذا بدوره يرفع الطاقة الانتاجية للمصانع وينعكس بدوره على تحسين اجور العاملين خارج القطاع الحكومي.
ولكن حتى نكون واقعيين القضية ليست بهذه البساطة القضية متعلقة بمناخ سياسي دولي يسمح باستعادة حقول النفط والقمح وباعتقادي نحن اليوم اصبحنا قاب قوسين او ادنى من تبلور هذا المناخ بعد انهيار كافة المخططات الدولية على اسوار دمشق وهنا اعتقد سنشهد فورة وتحول جذري اشبه بفورة مطلع التسعينات بعد عشر عجاف في حقبة الثمانينات.

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


آخر المقالات

استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني