تراجع الثروة الحيوانية يحرم المواطنين مشتقاتها ومنتجاتها
تشكل الثروة الحيوانية دافعًا أساسيًا للتنمية المستدامة في القطاع الزراعي. فهي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي والتغذية والتخفيف من وطأة الفقر والنمو الاقتصادي. وباستطاعة هذا القطاع، من خلال اعتماد أفضل الممارسات، الحد من الـتأثيرات على البيئة وزيادة كفاءته في استخدام الموارد.
خلال سنوات الازمة شهد الانتاج الحيواني تحديات كبيرة فرضت نفسها بقوة على تكاليف الانتاج والاسعار وبالتالي معدل الاشباع للمواطن السوري فمثلا ارتفع سعر الـكيلو الواحد من اللحوم الحمراء من وسطي 300 ليرة ليقارب عتبة الـ 200 ألف ليرة في بعض المواسم. وسعر كيلو اللحوم البيضاء من حوالي 30 ليرة سورية الى حدود 70000 ليرة والبيض ارتفع من 3 ليرات الى حوالي 2000 ليرة الحليب من خمس ليرات لحدود 8000 ليرة والاجبان من حوالي 40 ليرة الى حوالي ستين الف ليرة.
قياسا مع مستويات الدخل غادرت مشتقات الالبان والاجبان واللحوم غالبية موائد السوريين.
اليوم يتساءل السوريون كيف يمكن ان يحصل ذلك ونحن بلد زراعي وبلد يعتمد الثروة الحيوانية مصدر رزق اساسي في اغلب مناطق القطر.
مشاكل الثروة الحيوانية ترجع الى وجود تكاليف عالية لجهة تربية الماشية بما فيها حوامل الطاقة وأجور النقل والأعلاف، إضافة إلى ارتفاعات في سعر الصرف وكلها تتسبب بارتفاع أسعار اللحوم ومختلف أنواع الغذاء من البروتينات والبقوليات والأجبان والألبان وغيرها.
أيضا من أسباب ارتفاع الأسعار بنسبة تصل إلى 10% تصدير الخراف خصوصا عند اقتراب موعد عيد الأضحى المبارك سنويا.
المواطنون يعتبرون أن أسعار اللحوم كانت تشهد ارتفاعات يومية واليوم السعر ثابت وقد يكون انخفض نسبيا، ولكن لم تعد اللحوم الحمراء ضمن القدرة الشرائية لدخولهم، مشيرين إلى أنهم استعاضوا عن اللحوم بمرق الدجاج وبأجزاء من الفروج ومنها الشرحات وقطع من الجوانح وحتى الفروج بات بالنسبة لهم صعب المنال وهو ما غير عاداتهم تجاه شراء اللحوم..
البيض والالبان والاجبان ليست بحال افضل فتناول وجبة افطار لشخص واحد تتضمن البيض ومشتقات الالبان والاجبان وفقا لما كان قبل الحرب كفيل باستنزاف كامل دخل المواطن!
اليوم يتساءل السوريون كيف يمكن أو بالأحرى هل يمكن ان تعود اللحوم الحمراء ومشتقات الالبان والاجبان إلى موائدهم؟
القضية او الاجابة على السؤال تتعلق بعدة جوانب.
الجانب الاول يتطلب وقف تصدير الخراف وهنا هل تستطيع الحكومة وقف تصدير الخراف والاستغناء عن القطع الاجنبي المتأتي من عملية التصدير؟
الجانب الثاني يتعلق بتأمين الاعلاف والمراعي حيث تعتبر الموارد العلفية عامل التمكين الأول للثروة الحيوانية، و يشكل نقص الأعلاف اكبر عائق أمام تنمية الإنتاج الحيواني ، لذلك لا بد من التوسع بإنتاج الأعلاف واستنباط أصناف ذات احتياجات اقل للمياه ، وإدخال تربية الحيوان في المناطق الزراعية. ورفع كفاءة الاستفادة من الموارد العلفية غير التقليدية المتاحة وتحسين القيمة الغذائية المخلفات الزراعية. واستيراد العجز العلفي ريثما يتم معالجة الموقف الراهن للموازنة العلفية.
الجانب الثالث يتعلق بالأبقار من اجل اللحوم الحمراء ومشتقات الالبان والاجبان هنا يمكن للحكومة العمل على سياسة منسقة مع هيئات ومنظمات دولية ضمن سياسة الحكومة لتنمية المشاريع المتناهية في الصغر بشكل يضمن الحصول على مساعدات خارجية على شكل ابقار توزع ضمن سياسة متوازنة على اسر سورية بشكل يضمن رفع انتاج مشتقات الالبان والاجبان وتخفيض اسعارها بشكل يعيدها بشكل متوازن الى موائد المواطنين السوريين.
اليوم قضية الثروة الحيوانية قضية حساسة جدا كونها متعلقة بموضع الامن الغذائي وتشكل مع القمح تقريبا" اللب الاساسي لموضوع الامن الغذائي لذلك يجب ان تقوم أي حكومة قادمة باتباع سياسة داعمة بشكل رئيس للثروة الحيوانية بالتنسيق مع جهات مانحة خارجية كون الموضوع خارج قدرات التمويل المحلية وهنا نكون خلقنا توازن للأمن الغذائي لفترات طويلة قادمة.