سياحة العيد وانفجار التفاوت الطبقي
مؤشرات السياحة خلال عطلة عيد الاضحى المبارك توحي بتشوه وانفجار طبقي مخيف في سورية ففي وقت تحاول فيه الحكومة وعلى رأسها سيادة الرئيس تأمين المتطلبات الاساسية للمواطنين وتحسين المستوى المعيشي طفت إلى السطح طبقة من اثرياء الحرب يتميز ثراؤها بأرقام فلكية وتتميز بعادات استهلاكية مشوهة ومستفزة لبقية طبقات المجتمع.
الفوارق من خلال كافة مؤشرات المقارنة بين الطبقات الثرية والطبقات التي دونها مخيفة جدا" بشكل يعمق الانقسام الطبقي في المجتمع .
نظرة ومقارنة سريعة : يبلغ متوسط الاقامة لليلة واحدة في المنتجعات مع كافة الوجبات حوالي أربع ملايين ليرة سورية فإذا اخذنا عطلة العيد اسبوع أي حوالي 28 مليون ليرة انفقتها بعض الاسر والمنتجعات مشغولة بنسبة مئة بالمئة .
ظاهر الفقر بشكل صارخ في عيون الموظفين واصحاب الدخول الثابتة اللاهثين وراء لقمة العيش، فيما تقابلها مظاهر الرفاهية والبذخ والترف والتي شاهدناها خلال عطلة العيد في المطاعم والمنتجعات السياحية، الأمر الذي يُظهر التفاوت الكبير بين الطبقات الاقتصادية
السؤال هل كنا بحاجة ارقم المنتجعات والفنادق والمطاعم لنكتشف حجم التفاوت الطبقي في سورية؟
كانت هذه الفجوات الطبقيّة أقل وضوحاً وتأثيراً في الماضي لوجود طبقة وسطى ذات حجم وتركيز كبير، الأمر الذي يشكل توازناً في المجتمع،حيث نجحت سورية خلال عهد القائد المؤسس حافظ الأسد والسيد الرئيس بشار الأسد في تثبيت استقرار اجتماعي عماده الطبقة الوسطى في سورية فكان الموظفون في القطاعين العام والخاص والمهنيون والحرفيون وماشابه ضمن الطبقة الوسطى ولكن مع تلاشي هذه الطبقة خلال العقد الماضي، وانحدارها بالغالب إلى الطبقة الفقيرة وشهد المجتمع السوري ظهور طبقة جديدة من أثرياء الحرب ومترفيها توسّعت الهوة بشكل كبير بين طبقات المجتمع.
وأصبح هناك عالم مختلف عن العالم الحقيقي الذي يعيشه السوريون، حيث يستمتع الناس بحياة مختلفة داخل قاعات فاخرة، حيث يُمارسون طقوس الرفاهية بكل أشكالها في صالات للأفراح والاحتفالات، ويدفعون مبالغ تكاد تصل إلى أرقام أقرب للخيال بالنسبة للسواد الاعظم.
سابقا كان الموظف الحكومي يستطيع شراء سيارة أو شقة سكنية اعتمادا على قرض بسيط بضمان مرتبه. وكان قادرا على القيام بسفرات سياحية إلى خارج سورية اعتمادا على مرتبه.
كان الفقر بالحدود الدنيا في سورية وكان بعض مواطني الدول المجاورة يقصدون سورية للاستفادة من رخص المعيشة.
ولكن بعد ان وضعت الحرب اوزارها تغيرت مشهديه الوضع الاجتماعي بشكل كبير نتيجة الحرب:
اختفت الطبقة الوسطى بشكل شبه تام وانتقلت إلى مصاف الطبقات الفقيرة. والطبقات الفقيرة سابقا ازداد فقرها بشكل كبير لتصل إلى أرقام قياسية غير مسبوقة من حيث الدخل ومستوى المعيشة.
قد يتساءل البعض ما علاقة ذلك بالتنمية؟
لاشك أن كل مجتمع يحتوى على طبقات مختلفة ولكل طبقة أهميتها ودورها فى تنمية وتطوير المجتمع إذا أحسن توجيهها وتشجيعها فى هذا المجال وكذلك فى المهمة التى تقوم بها لحماية المجتمع ولتحقيق وحدة الهدف فى هذا المجتمع وان تشعر كل طبقة بأهميتها وانتمائها للدولة أو للمجتمع التى تعمل فيه ومن ثم سيزيد الإنتاج والتنمية فى الدولة أو المجتمع.
تكمن اهمية الطبقة الوسطى كونها تحمل مسؤولية التوازن بين الطبقات ومن ثم يعتمد عليها فى التوازن الاقتصادى والسياسي بين طبقات المجتمع الواحد وفي جميع الادبيات الاقتصادية إن الطبقة الوسطى هى الطبقة التى يشير تناميها واتساعها إلى مدى نجاح السياسات الاقتصادية والاجتماعية فى تحقيق العدالة وفى توزيع الدخل وتنمية المجتمع ككل. والاهم أن هذه الطبقة هى أساس طريق التنمية والسياسات المختلفة للدولة
عبر تطور الأمم تعتبر الطبقى المتوسطة وحوافها عماد الاستقرار الاجتماعي في أية مجتمع هو الطبقة الوسطى وأعتقد أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من الإجراءات الضرورية مترافقة مع المناخ السياسي العربي والدولي تجاه سورية بهدف إعادة التوازن الطبقي المنشود لحماية الاستقرار الاجتماعي في سورية وتهذيب الطبقة الفاحشة الثراء اقتصاديا لمصلحة عملية إعادة الاعمار.