حتى لا نلدغ من جحر الزراعة مرتين

حتى لا نلدغ من جحر الزراعة مرتين

تضمنت خطة وزارة الزراعة للموسم الحالي زراعة 1.5 مليون هكتار قمح منها أكثر من 556 ألف هكتار في الأراضي الآمنة، وأكدت الوزارة "اتخاذ كافة الاستعدادات لإنجاح الموسم" بعد تعرض البلاد في الموسم الماضي لضربة موجعة رغم أن الوزارة أعلنته عاماً للقمح فما كان للقمح ولا للشعير نتيجة ظروف متعددة طبيعية وموضوعية تتحمل الوزارة جزءاً منها.  

فلم ينس السوريون بعد الحملة التي أطلقتها وزارة الزراعة الموسم الماضي عن "عام القمح" الذي أرادت منه تعويض النقص الحاصل في مخزون القمح جراء سيطرة ميليشيا "قسد"  بدعم من قوات الاحتلال الأمريكي على نحو 70 % من المناطق الزراعية في الجزيرة السورية وفي شمال البلاد وسرقتها المحصول وتهريبه للخارج، عندما تحدثت عن خطة لزراعة أكثر من 1.5 مليون هكتار نفذت منها، بحسب بياناتها، ما يزيد عن 1.4 مليون هكتار بنسبة تنفيذ 93 % في وقت تدنت نسبة التنفيذ في الزراعة المروية إلى 79%!!.

فقد أدى انخفاض نسب الهطولات المطرية الذي ترافق مع عدم تأمين الوزارة المحروقات اللازمة لري القمح وكذلك تأخرها في تأمين السماد للمزارعين.. أدى إلى ضربة قاسية مُني بها المحصول الذي لم ينتح سوى نحو ثلث الإنتاج المتوقع بسبب خروج مساحات واسعة من الزراعات البعلية من الإنتاج وكذلك بعض المناطق المروية بسبب سرقة النظام التركي لنسبة كبيرة من حصة سورية من مياه الفرات في أكثر الأوقات حرجاً من حيث حاجة المحصول للري.
خطة العام الحالي لا تختلف كثيراً من حيث المساحة عن خطة العام الماضي، لكن وزير الزراعة محمد حسان قطنا أكد مؤخراً خلال ترؤسه اجتماعا مع مديري الزراعة في المحافظات أن الحكومة "اتخذت كل التحضيرات لإنجاح الخطة الزراعية للموسم القادم من خلال تأمين 70 ألف طن من بذار القمح و60 بالمئة من احتياجات القطاع الزراعي من المحروقات وذلك وفق أقصى الإمكانيات المتاحة إضافة إلى توفير 55 ألف طن من الأسمدة منها 25 ألف طن فوسفاتية و30 ألف طن آزوتية".


لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل يكفي تأمين 60% من احتياجات القطاع الزراعي من المحروقات؟ وما هو مصير الـ 40% المتبقية، إن لم يتم تأمينها بالمحروقات اللازمة للفلاحة والري؟ هل يعني ذلك أنّ نصف المحصول الزراعي تقريباً سيعاني من العطش وبالتالي خسارته, لأن تأمين المحروقات من السوق السوداء سيلحق الخسائر بالفلاحين نتيجة ارتفاع التكاليف، خصوصاً مع ارتفاع أسعار الأسمدة التي قالت الوزارة أنها أمنتها. وهل يكفي دعم مستلزمات الإنتاج الزراعي بـأقل من 15% عن سعرها الرائج بحسب الوزارة، حتى نحصل على الأمن الغذائي الذي نتحدث عنه، ولاسيما من محصول القمح؟

الزراعة اليوم هي قضية أمن وطني في ظل ظروف الحرب والحصار والعقوبات الجائرة التي تفرضها بعض الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة ضد سورية، وهذا يحتم على الوزارة أن تعمل كخلية نحل لتأمين احتياجات زراعة القمح وغيرها من المحاصيل الإستراتيجية سواء من السماد أم المحروقات أم من الأدوية وبأسعار معقولة، وإلاّ, فكل حديث عن دعم الزراعة يبقى كلام في كلام وأمننا الغذائي كذلك.


فالعام الماضي بدأ موسم زراعة القمح ومخزون الوزارة شبه معدوم من السماد في حين يبدأ موسم زراعة المحصول هذا العام وفي مستودعات الوزارة نحو 55 ألف طن وهذا أمر جيد لولا أنه بأسعار السوق الكاوية!!!. وحسناً فعلت الحكومة برفعها سعر شراء كيلو القمح من الفلاحين للموسم القادم بسعر 1500 ليرة سورية، لكن على الوزارة أيضاً أن تراجع سبب تدني نسبة تنفيذ الخطة الزراعية المروية للقمح العام الماضي والتي لم تتجاوز 79%، خشية أن تتكرر هذا الموسم.

ولا تقل مسؤولية وزارة الموارد المائية في تأمين مصادر مياه الري عن مسؤولية وزارة الزراعة في دعم الإنتاج الزراعي، سواء عبر إنشاء المزيد من السدات المائية لحصاد الأمطار في موسم الشتاء والاستفادة منها في الزراعة خصوصاً في مناطق زراعة القمح وتحسين كفاءة قنوات الري، في ظل التبدل المناخي وانحباس الأمطار خلال الأعوام الماضية.  

تضافر جهود الوزارات لتحسين الإنتاج الزراعي وخصوصاً محصول القمح لتحقيق الأمن الغذائي،أمر في غاية الأهمية. لكن ما حصل مؤخراً في زراعة الشوندر السكري بمنطقة الغاب غير مبشر، فرغم أن وزارة الزراعة خصصت ٤٣٢٢ هكتاراً في المنطقة لزراعة المحصول إلا أنه لم تتم زراعة سوى ربع المساحة (1100 هكتار فقط لغاية 10 تشرين الثاني وانتهت زراعته 15 تشرين الثاني) بسبب تأخر تسليم البذار للفلاحين وبالتالي إحجامهم عن الزراعة خشية إصابة المحصول بالصقيع جراء تأخر زراعته, وكذلك ارتفاع سعر المحروقات والسماد وتجهيز الأراضي الزراعية رغم أن الحكومة رفعت سعر شراء الطن إلى 250 ألف ليرة وخفضت نسبة الحلاوة من 16 إلى 12%، لكن غالباً ما تأتي الإجراءات الحكومية متأخرة وبالتالي تفقد مفعولها وتأثيرها.

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني