من طبخة الحكومة.. "راتب ديليفري"

من طبخة الحكومة.. "راتب ديليفري"

آخر ما حرر عن لسان رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس تأكيده بأن الحكومة في طريقها للانتهاء من دراسة منح التعضويضات للعاملين على أساس الراتب الحالي، كما تدرس فتح درجة لمن وصل به الحال إلى سقف الراتب بما ينعكس إيجاباً على الواقع المعيشي للطبقة العاملة!!.. (نسب وسقوف ودرجات.. وطبقة عاملة!!)، بينما تحتاج أسرة من خمسة أشخاص (ربها موظف عند الحكومة) لعشرة أمثال الراتب الحالي لتؤمن حاجاتها الأساسية (الأساسية فقط) لشهر كامل!.

ما علينا.. الحكومة تدرك ذلك جيداً، أصلاً هي تعلم أنها تعمل ضد كل قوانين وقواعد الفيزياء والرياضيات!.. مثلاً: يريد وزير المالية أن يحل مشكلة الازدحام على الصرافات، وذلك من خلال توصيل الرواتب إلى منزل الموظف عبر البريد وبأجر رمزي مدعوم (500 ليرة عالراس أقصد عالراتب)، أغلب الظن أن الوزير كنان ياغي لا يريد حل مشكلة الازدحامات، إنما يريد أن تصل هذه الرواتب فعلاً إلى المنازل دونما أن يمسها سوء أو "سوق" لا فرق، طالما أنه لدينا موظف يشكو أن الراتب الذي يتقاضاه نهاية الشهر لا يصل منه ليرة واحدة إلى المنزل.. ينفقه في طريق العودة على الملذات الشخصية ربما!!.. فاراد الوزير قطع دابر "النق" من عدم كفاية الراتب لبضعة حاجات أساسية يمكن أن يحملها الموظف بيد واحدة، ويلوح بالأخرى لحافلات النقل العام!، وانطلق بالتفكير ضد قانون الجاذبية!، انت لا تسطيع أن تدخل براتبك سالماً على زوجتك وأولادك، بفعل كثافة شحنات جاذبية السوق، لا تقلق نحن سنساعدك في ذلك!.

حقيقةً هذا ليس تندراً أو سخرية من خدمة توصيل الراتب إلى المنزل، إنما هو كل ما استطعنا التقاطه من أشارة وزير المالية مؤخراً في معرض تشريحه وتنقيحه لمصطلح "تحسين مستوى المعيشة" - ولمن لم يحظى بمعرفة أو مقابلة هذا المصطلح شخصياً ليذهب إلى الحكومة فهو موجود على طاولتها بحروفه السبعة عشر ونقاطه العشرة - فبحسب الوزير ياغي فإن هذا المصطلح لا يعني الراتب فقط وإنما كل الخدمات التي تقدمها الدولة على مستوى النقل والصحة والتعليم وغير ذلك.. ركوزا على  عبارة "غير ذلك" هذه الـ "غير ذلك" هي كل ما يعنينا، قد تتضمن خدمة توصيل الرواتب إلى المنازل بسعر مدعوم، من يعلم ربما يخرج موظف حكومي رفيع يوماً ما ويحاججنا بكلف الدعم على توصيل الراتب!، ثم ندخل في دوامة تصحيح أو إعادة توجيه هذا الدعم!، متل ما صار بالخبز "بكيس" أو بلا "كيس"!.. ثم نصل الى مرحلة من هو الراتب الذي يستحق دعم التوصيل.. ،ونقسم الرواتب  وفق معادلة السيارات (فوق او تحت ٢٠٠٠ سي سي).. لا لا الحكومة لا تفعلها عقلها اكبر من ذلك.

للأمانة الوزير عاد واستدرك وأكد ان مصطلح تحسين مستوى المعيشة في جزئه الاكبر هو يعني الراتب، وأقسم.. لا هو لم يقسم.. هو فقط وعد: بأن أي إيراد إضافي يتم تحقيقه بالمالية سيكون أول باب سيدعم فيه هو الراتب والأجور.

لكن السؤال من أين ستتحصل المالية على الايرادات الاضافية؟، ربما من الكهرباء؟.. مثلاً الاسعار الجديدة "عشرة على عشرة".. (لكن الكهربا واحد من عشرة والتقنين في حدوده القصوى!).. اذا على الغالب من الغاز، حيث زاد سعر الاسطوانة مؤخراً إلى أكثر من الضعف؟ (أيضاً المادة شبه مفقودة أكثر من 100 يوم انتظر السيد وزير حماية المستهلك ليستلم جرته.. أنا أصدرق الوزير).. إذاً من أين ستأتي بالايرادات؟، بالتآكيد من المازوت والبنزين خارج المخصصات؟!.. هل أتبعتم أنفسكم معي في التفكير؟.. هل صدقتم أن حكومة ترفع أسعار حوامل الطاقة بهذا الشكل؟، ما أدى لارتفاع كل شيء بما في ذلك خدمات توصيل وجبات "الديليفري"، ثم يخرج وزير ماليتها علينا باعجاز التوصيل لـ"راتب" قيمته الشرائية قد لا تساوي ثمن وجبتي فروج (بروستد أو مشوي) ديلفري واصلين عالبيت!٫ هل صدقتم ان هؤلاء معنيون بتحسين معيشتنا؟؟.

اخيرا وعلى سبيل صحافة الحلول: "اقترح ان يجلس وزير المالية مع زميليه وزيري التجارة الداخلية والنفط، لبحث امكانية تحويل رواتب الموظفين لحسابات السورية للتجارة ومحروقات (لا اقصد حساباتهم في الفيسبوك) انما حساباتهم في البنك، ومعادلة الراتب بمخصصات السكر والرز والزيت والشاي والغاز والمازوت، وان تبقى منه شيء يحول الى حسابات "المخابز" ويصرف مقابله خبز، شرط ايصال تلك المخصصات الى المنازل.. وبالكيس!.. حينها نقول اصبح لدينا راتب ديليفري!.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني