تداعيات قرار فتح استيراد الأقمشة المصنرة.. يُعري وزارة الصناعة واتحاد الغرف

تداعيات قرار فتح استيراد الأقمشة المصنرة.. يُعري وزارة الصناعة واتحاد الغرف

ليست المرة الأولى التي تتصاعد فيها وتيرة الجدل والمهاترات بين أعضاء اتحاد غرف الصناعة، ولم يكن قرار وزارة الاقتصاد الأخير الذي سمح باستيراد الأقمشة المصنرة، الشعرة التي قصمت ظهر "بعير" الغرف الصناعية، فالاتحاد ولا مرة كان على قلب "صناعي" واحد، حتى في أتفه المواقف، ما يعكس حجم الشخصنة في محاكمة قرارات من هذا القبيل.

بعيدا عن عمق الخلافات وتضارب المصالح داخل الغرف والتي منشأها شخصي غالباً ومصلحي في حدود معينة، تعالوا لنناقش قرار وزارة الاقتصاد الأخير المتعلق باستيراد الأقمشة المصنرة، هل هو فعلاً كارثي ورصاصة رحمة على صناعة الأقمشة السورية كما وصفه رئيس اتحاد غرف الصناعة ورئيس مجلس إدارة غرفة صناعة حلب فارس الشهابي؟!، أم فعلا هو قرار حكيم ومتوازن وعادل كما قال نائبه ورئيس غرفة صناعة دمشق وريفها سامر الدبس؟.

في الحقية لا هذا ولا ذاك، بمعنى أنه ليس كارثي، كما أنه ليس مثالي!، فمعظم القرارات الاقتصادية ذات الطابع الإجرائي أي التي تتخذ في ظرف اقتصادي معين ولفترة زمنية محددة، طبيعي أن نجد من يتأثر بها سلباً، وآخرون يتأثرون أيجاباً، وهنا تكون المفاضلة في إصدار هذا القرار من عدمه بناءً على إنعكاسه على كامل القطاع.

ما سبق يقودنا إلى سؤال أو مجموعة أسئلة يفترض أن نجد لها اجابات لدى وزارة الصناعة صاحبة الاختصاص بالنسبة لقرار السماح باستيراد الاقمشة المصنرة: "ما هو عدد المنشآت التي قد تتضرر من هذا القرار وإلى أي حد ستتضرر.. وهل ما تنتجه يكفي لتشغيل جميع مشاغل صناعة الألبسة؟.. بالمقابل ما هو عدد معامل الألبسة التي ستتأثر في حال لم يتخذ القرار؟، بالمناسبة سيكون من الجنون أن يلجأ صاحب معمل ألبسة إلى القماش المستورد في ظل ارتفاع التكاليف، في حال كان لدينا صنف منافس له محلي وبثمن أقل.

وللدخول أكثر في تفاصيل هذا القرار، نجد أن وزارة الصناعة "صاحبة الاختصاص" كانت مع بداية العام وتحديداً في الشهر الثالث، دعت إلى الاستمرار في السماح باستيراد الاقمشة المصنرة من قبل الصناعيين، وذكرت أن عدد المنشآت المنتجة هي بحدود 230 منشأة في كل سورية، وكان صدر في العام 2019 قرار من وزارة الاقتصاد بحصر استيراد الأقمشة المصنرة من جميع البنود الجمركية وجميع النمر بأصحاب المنشآت الصناعية القائمة، وتعمل بناء على كشف حسي، وذلك وفقاً للمخصصات المحددة لها من مديرية الصناعة المعنية وضمن طاقتها الإنتاجية الفعلية، يومها وصف الشهابي القرار بالنصر الجديد للصناعة السورية وللاتحاد أو ما يعرف "بسيكولير"!.

لكن سرعان ما تجدد الخلاف حول الأمر في الشهر السادس من هذا العام عندما اقترحت لجنة الاستيراد في غرفة تجارة دمشق في اجتماعها بإعداد مذكرة ورفعها لوزارة الاقتصاد للسماح لهم باستيراد الأقمشة المصنرة، (هنا الخلاف كان صناعي تجاري وهذا طبيعي).

لكن في غضون الأشهر الثلاثة الفائتة، كان هناك حديث يشير إلى أن قرار حصر استيراد الأقمشة وفق المخصصات الصناعية تعتريه شبهة فساد كبير، لجهة أن لا وزارة الصناعة ولا الغرف تمنكت من الوقوف على واقع تلك المنشآت وحصصها الفعلية، في ظل وجود منشآت مدمرة ومتوقفة بينما سجلاتها سارية المفعول، ناهيك أنه يمكن لأي منشأة تعمل أن تبالغ في حجم حاجتها الفعيلة، لزيادة مخصصاتها بهدف المتاجرة بها!.

اليوم نجد أن المدافعين عن القرار وهم بالمناسبة أعضاء في غرف الصناعة، ينطلقون في دفاعهم من أن القرار يسمح باستيراد مادة الأقمشة المصنرة غير المنتجة محليا لجميع المستوردين من خلال استيرادها عبر المرافىء البحرية السورية حصراً، وإجراء كشف حسي عليها من قبل مختصين من مديرية الجمارك، وخبراء في الأقمشة من اتحاد غرف الصناعة السورية، بينما المعترضون يرون بالقرار أنه سيحول الصناعي إلى تاجر، وسيحول السوق السورية إلى سوق لمنتجات الاخرين "الستوك"، ما يعني بالضرورة أن القرار القديم (الذي حصر الاستيراد بالصناعيين في 2019) يمكن اتهامه أيضاً أنه حولهم إلى تجار!، وهنا نصطدم بخيارين لا ثالث لهما، إما بمنع الاستيراد مطلقاً، أو السماح به للجميع لكسر الحصرية والتي قد تؤدي إلى الاحتكار!.

كل ما تقدم يقودنا من جديد إلى وزارة الصناعة، فهي المختصة كما أسلفنا، فإن كان لديها بيانات فعلاً تشير وجود كميات كافية من الأقمشة المصنرة المنتجة محلياً، فما كان عليها أصلاً أن توافق على القرار، وربما كان عليها أن ترفع مقترح بالمنع حتى بالنسبة للصناعيين، فآلية اتخاذ القرار في اللجنة الاقتصادية حسب معلوماتنا تبنى حسب رأي واقتراح الوزارة صاحة الاختصاص.

ختاماً: يتضح من هذا الجدل وكم المغالطات والمبالغات في تصريحات أعضاء الغرف الصناعية (الداعمون للقرار والرافضون له) مدى الضحالة في التمثيل الحقيقي للصناعيين في هذه الغرف، هذا كله مع وجود جهات عامة كسولة ومربكة وفقيرة من حيث البيانات، حتماً يصب في خانة تحجيم هذا القطاع وتركه عرضة للانهيار والزوال.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني