الخصخصة ومستقبل القطاع العام

الخصخصة ومستقبل القطاع العام

في كل الدول التي حققت نهضات تنموية وقفزات اقتصادية في ما يطلق عليه اصطلاحاً "العالم الثالث" كان عماد نجاحها القطاع العام بشكل رئيسي فلم تحقق أي دولة قفزتها التنموية اعتماداً على القطاع الخاص أو على الاستثمارات الأجنبية. وفي سورية حقق القطاع العام قفزات نوعية في مجالات الطاقة والأغذية والنسيج وغيرها خلال حقبة السبعينات وحتى أواخر التسعينات معتمداً على مقومات عديدة أبرزها: 
   امتلاك اليد العاملة الرخيصة والمؤهلة علمياً وعملياً.
  توفر المواد الأولية من منشأ زراعي أو حيواني أو من باطن الارض.
  البنية التحتية من مناطق صناعية مخدمة وشبكة طرقات سريعة.
     المرافئ اللازمة للإستيراد والتصدير.
ولكن بالرغم من امتلاك مقومات النجاح بدأ القطاع العام بالتراجع متأثراً بعوامل عديدة أثقلت كاهله: 
   قدم الآلات والتجهيزات في مؤسسات القطاع العام وانخفاض المستوى التكنولوجي في قسم كبير منها مما جعلها غير قادرة على تحديث منتجاتها لمواكبة التغييرات .
   فائض العمالة الهائل نتيجة سياسات الاستيعاب الحكومي مما أعاق تطبيق التقسيم العلمي السليم للعمل في المنشآت الحكومية.
   ارتفاع تكاليف الإنتاج نتيجة عوامل عديدة كرفع أسعار الطاقة وفائض العمالة وانخفاض المستوى التكنولوجي بشكل حرم منشآت القطاع العام من أية ميزات تفضيلية.
     انخفاض الطلب بشكل كبير نتيجة تدني القدرة الشرائية الناجم عن انخفاض مستوى المعيشة للسكان من جهة ومن جهة ثانية الاتجاه نحو منتجات القطاع الخاص.


كل ذلك جعل القطاع العام يفقد دوره الريادي تدريجياًوبدأت الخسارات وشبح الإغلاق يخيم على مؤسسات عديدة ودفع بالحكومة للبحث عن خيارات الحل:
    بعض الأصوات نادت ببيع المؤسسات الخاسرة وخصخصتها.
     البعض الآخر نادى بتطبيق مبدأ الإدارة بالأهداف والعمل بعقلية السوق لتتمكن المنشآت من الاستمرار في خضم ظروف اتفاقيات تحرير التجارة التي سبقت الحرب.
     البعض الآخر رأى بضرورة حل مشكلة العمالة.


بغض النظر عن كل الآراء التي سبقت هناك حقائق ثابتة يجب الانطلاق منها عند معالجة مشكلة القطاع العام:
القطاع العام يشكل خطاً أحمر في جميع أدبيات الاصلاح الإداري والاقتصادي في سورية وأي مساس بالقطاع العام يعني المساس ببنية النظام الاشتراكي في سورية.
تقييم مؤسسات القطاع العام يجب أن تنطلق من قيمة الموارد التي تشغلها وهذا يعني أنه لا يمكن قبول منشأة حكومية تشغل مباني وأراضي تقدر قيمتها بمئات المليارات وتقدم ربحا سنوياً بعشرة ملايين مثلاً.


المعالجة والإصلاح في القطاع العام يجب أن يقوم على النقاط التالية:
معالجة مشكلة فائض العمالة ويكون عن طريق سن قانون ملائم للتقاعد المبكر من جهة ومن جهة ثانية اعتماد استراتيجية وطنية لإعادة توزيع العمالة بشكل متوازن يضمن التقسيم العملي للعمل وتطبيق الأساليب الحديثة في الإدارة.
إعادة دراسة وضع المؤسسات الاقتصادية لجهة الخطط والآلات والمعدات وأسلوب الإدارة والانتقال إلى العمل بعقلية السوق وهذا لا يعني أن يكون الهدف الرئيسي الربح ولكن يكون الهدف استمرار المؤسسة رابحة وقوية وتحويل الفوائض التي تحققها لتدعيم الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الحكومة وفقاً لأسلوب اقتصاد السوق الاجتماعي.
تطبيق المعايير الرقمية البحتة على عملية تقييم عمل المنشآت السنوي.


خلاصة القول يجب العمل للوصول إلى نهضة واسعة بالقطاع العام تحقق تحول جميع مؤسساته إلى حالة الربح الاقتصادي الحقيقي المقيم وفقاً لأسعار السوق ووفقاً لقيمة الموارد الحقيقية التي يستهلكها القطاع العام من مباني وأراضي وغيرها ولا ضير من دمج المؤسسات والشركات بحيث يكون المعيار الأساسي حالياً كما أشرنا هو الربح ومستقبلاً الوصول إلى مؤسسات قادرة على مواجهة المنافسة الخارجية.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني