لماذا فقط موظفو الدولة؟

لماذا فقط موظفو الدولة؟

منحتان ماليتان للعاملين في مؤسسات الدولة خلال فترة شهرين...
خطوة يراد منها تحقيق هدفين على الأقل، الأول اجتماعي يتمثل في مساعدة شريحة الموظفين على مواجهة الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها البلاد حالياً، والثاني اقتصادي ويتعلق بإيصال رسالة مفادها أن الإيرادات المتحققة من قرارات رفع أسعار بعض السلع المدعومة ستكون لدعم الطبقات الاجتماعية المحتاجة لمثل هذا الدعم، لاسيما وأن المنحتين جاءتا بعد رفع أسعار ثلاث مواد مدعومة: البنزين، المازوت المخصص للأغراض الصناعية، والخبز.
لكن هل الطبقات الاجتماعية المحتاجة للدعم تنحصر فقط في موظفي مؤسسات الدولة؟
سؤال من الضروري حسم الإجابة عليه بشكل موضوعي بعيداً عن الاجتهادات والآراء الشخصية، التي زادت خلال الفترة الأخيرة، على خلفية الاختناقات الحاصلة في توزيع السلع الأساسية المدعومة، وما يشوبها من فساد وهدر كبيرين..
أعتقد أن الإجابة يجب أن تحتوي على شقين: الأول لماذا فقط موظفو الدولة؟ والثاني ماذا يقول الواقع وتعكسه مسوح الأمن الغذائي وقوة العمل...وغيرها؟
في الشق الأول، يعتقد كثير من الباحثين أن موظفي الدولة هم الفئة الوحيدة التي لم يزدد أجرها بالنسبة التي زادت فيها الأسعار منذ بداية الأزمة، فالفئات الأخرى من أصحاب العمل والمشروعات الخاصة، العاملين في القطاع الخاص، أصحاب المهن الحرة وغيرها... جميعها فئات زادت أجورها بنسبة توازي زيادة الأسعار...
وهذا أمر نلمسه جميعاً، حيث ترتفع أسعار جميع السلع والخدمات مع أي انخفاض يتعرض له سعر الصرف، أو مع أي قرار حكومي برفع سلعة مدعومة، أو مع أي حالة احتكار جديدة في السوق.... وهكذا.
إنما ليس كل من يعمل في القطاع الخاص يحصل على أجر كاف، وليس كل من يعمل في مهن حرة يتمكن من تحقيق دخل شهري يكفيه، وليس كل شخص قادر على العمل يتمكن من الحصول على فرصة عمل توفر له الدخل المناسب لإعالة عائلته....إلخ.
إذاً هناك أسر كثيرة لا يعمل معيلها في مؤسسات الدولة... ولا يتمكن أيضاً من تحقيق الدخل الشهري المناسب والمواكب لتطور معدل التضخم في بلدنا.
في الشق الثاني، هناك كلام كثير، فعلى الرغم من الشكوك التي تحيط بنتائج بعض المسوح التي أجراها المكتب المركزي للإحصاء خلال السنوات الأخيرة، إلا أنها نتائج كافية لتقول: إن هناك فئات اجتماعية أخرى وكثيرة تستحق الدعم...
فمثلاً بيانات المسح الديمغرافي الأخير تقول: إن نسبة البطالة هي بحدود 25%، وهي تشكل أقل من نصف التوقعات البحثية غير الرسمية...
ونتائج مسح الأمن الغذائي خلصت إلى أن ثلث المواطنين تقريباً بلا أمن غذائي، وأن نصف السكان مهددون بفقدان أمنهم الغذائي، وهذه بيانات خاصة بفترة ما قبل موجات الغلاء الخيالية التي بدأت مع نهاية العام 2019...
فهل هؤلاء جميعاً هم من موظفي مؤسسات الدولة؟
إن أي قرار  يتعلق بمستقبل الدعم والفئات المستحقة، يفترض أن يبنى على جهد علمي ومسح دقيق للواقع، وليس بناء على "عصف ذهني" يجري في اجتماعات مغلقة لبعض من أصحاب القرار، ممن يبحثون عن أي مخرج لتخفيض فاتورة الدعم والتخلص من ظاهرة الطوابير.... وأياً كان الثمن اجتماعياً!
ولو أن الحكومات المتعاقبة استغلت كل هذه السنوات، التي مرت على طرح مصطلح "إيصال الدعم لمستحقيه"، لكان بحوزتها اليوم قاعدة بيانات غير مسبوقة لجميع الأسر المقيمة في البلاد وأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية.... لكن كل حكومة كانت تدفع بهذا الملف إلى الإمام، ولا تتدخل في هذا الملف إلا عندما يسوء وضع إيراداتها المالية، عندئذ لا تجد حرجاً من رفع سعر أي مادة مدعومة.... والحجة "إيصال الدعم لمستحقيه"!

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني