عن حرائق الغابات في سورية .. كيف حدث كل ذلك؟

عن حرائق الغابات في سورية .. كيف حدث كل ذلك؟

بعبارات ملؤها الحزن والقهر وصف مجموعة من الأهالي الذين عايشوا اندلاع النيران في قراهم بريف الساحل السوري : "لا يمكن وصف المشهد، كأن جهنم فتحت أبوابها ونفثت نيرانها في الأرجاء، النار في كل مكان تلتهم الحجر والشجر ولا تبقي سوى على الرماد والسواد، الدخان يحجب الرؤيا ويخنق الأنفاس، خرجنا حفاة بلباسنا فالرياح تسرع جريان النيران وعيوننا لا تصدق ما ترى".

هو المشهد العام في ليلة ما أقساها من ليلة ستظل ذكراها وآثارها أعواماً يتمنى من عايشها أن تكون حلماً أو كابوساً ولكن على أرض الواقع بعد انقشاع الدخان ظهر هول المنظر، خسائر كبيرة في أكثر من 153 قرية في مناطق الحفة والقرداحة وجبلة واللاذقية توزعت فيها الخسائر وطالت الجميع، أشجار ومحاصيل وبيوت وأرزاق أبيدت وذهب معها عشرات السنين من الذكريات والعمل.

في قلب النيران
تحدث الأهالي عما عايشوه وعاشوه خلال فترة الحرائق حيث تباينت الآراء بين الراضي والمستنكر لاستجابة الجهات الرسمية بكافة فئاتها ومعالجتهم وتعاونهم وتفاعلهم أو عدمها مع الواقعة، حيث أكد بعضهم على عدم الاستجابة لنداءاتهم ومطالباتهم بالإسراع بتطويق النيران والحد من انتشارها والتجاهل الذي طالهم ما فاقم الخسائر، بينما أعرب آخرون عن رضاهم عن الإستجابة والعمل المضني للحد من انتشار الحرائق، ليقول بعض المعنيين بالأمر أن تعدد أماكن انتشار النيران في ذات الوقت وسرعة الرياح وصعوبة البيئة كان له الأثر الأكبر في بطء العمل في ظل عدم توفر العدد الكافي من وسائل الإطفاء وآلياته ومعداته المتطورة التي ظهرت جلية في النتائج الكارثية للحرائق، ولكن بالعموم ثمّن الجميع العمل والجهد المستميت من قبل العناصر المشاركة بالإطفاء وكل من ساندهم بالقضاء على النيران.

أسباب وتشاركية بالمسؤولية
لا يوجد نتيجة بدون أسباب وما حدث في أيام الحرائق تتشارك به جهات عديدة بدءاً من المجتمع المحلي وصولًا للجهات المسؤولة حيث أن الإهمال والتسيب من قبل بعض المزارعين ومالكي الأراضي وما يقومون به بالعادة من تحريق زراعي دون اتخاذ الإجراءات الوقائية خصوصاً في فصل الصيف الجاف يؤدي إلى انتشار النيران وعدم القدرة على السيطرة عليها، كما تقع على الجهات المعنية المسؤولية أيضاً بعدم جديتها بشق خطوط النار والطرق الحراجية التي تعيق انتشار النيران وتسهل على فرق الإطفاء عملية الإخماد، ولا يخفى على أحد العوامل الأخرى من الجو الجاف وصعوبة التضاريس وتمديد خطوط التوتر وشبكات الكهرباء فوق الأراضي الحراجية والزراعية وإمكانية حدوث التماس الكهربائي الذي يؤدي لاشتعال النيران.

ولكن الملفت في فترة الحرائق الأخيرة الظاهرة الغريبة بانتشار النيران بعدة مواقع في وقت واحد واتجاه أصابع الاتهام للفعل المقصود وما إلقاء القبض على عدد من الأشخاص إلا دليل واضح على ذلك مع غياب الدور الفاعل للضابطة الحراجية التي تقاعست بأداء دورها وضبط التعديات والمراقبة المستمرة لأعمل التحريق والتفحيم في المواقع الحراجية والزراعية وغيرها من الأمور التي فاقمت المشكلة ووسعت دائرة الكارثة.

اقتراحات لتفادي ما حدث بعد إخماد الحرائق وهدوء هيجانها وانقشاع الدخان أصبح لابد من البحث والعمل لإيجاد حلول مناسبة لتفادي ما حدث وضرورة وضع خطط جدية وتنفيذها بالسرعة القصوى للحفاظ على ما بقي من غطاء نباتي في المنطقة، وهنا يجب التوسع بشق خطوط النار والطرق الزراعية ورفد فرق الإطفاء بالآليات الحديثة الفاعلة من طيران مختص وسيارات مجهزة بأدوات متطورة ودعم رجال الإطفاء باللباس الواقي وأدوات الحماية مع التركيز على زراعة أنواع مقاومة للنيران في المواقع الحراجية من أشجار مناسبة كالخرنوب والقطلب وتأهيل المجتمع المحلي ومشاركته بالحفاظ على الغابات وإرشادهم لطرق سليمة في التعامل مع النيران وخدمة المواقع بشكل يحافظ على بقائها.


الخسائر
على أرض الواقع حسب التقارير الرسمية طالت النيران 72 منزلًا وآلاف الهكتارات من الأشجار المثمرة والحراجية بأضرار كلية وجزئية منها 1.340 مليون شجرة حمضيات و 3.370 مليون شجرة زيتون و 259 ألف شجرة من أنواع مختلفة و 2طن من التبغ و 11 بيتاً بلاستيكياً و 220 دونماً مزروعاً بالخضار و 6699 خلية نحل و 65 رأس أبقار و 30 ألف متر شبكات ري حديثة ناهيك عن أعداد كثيرة من الدواجن والطيور والحيوانات البرية، بالإضافة لأضرار كبيرة بالبنى التحتية من شبكات ري ومياه وكهرباء واتصالات.

في الختام
ماحدث حدث والخسائر كبيرة وإمكانية التعويض قد تأخذ سنوات طويلة ولكن يجب البحث بشكل جدي عن الأسباب ومعاقبة المخلين والمسببين والتعويض الجدي للعائلات المنكوبة وتنفيذ الوعود التي قدمت لإعادة تشجير ما احترق وتلافي جميع الأسباب التي سكبت الزيت على النار وزادت اشتعالها.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر