حكاية الآيفون ورغيف الخبز.. حكاية من التراث السوري..

حكاية الآيفون ورغيف الخبز.. حكاية من التراث السوري..

رأي فني

المشهد - محمد الحلبي

في حين تعصف الأزمات بالمواطن السوري، وتتوه خطواته بين الأفران لتأمين لقمة عيشه..ويطلب منه رئيس مجلس وزارئه الصبر لحين وصول القمح من بلاد الواق واق، ينظر خلفه، ويرى تجمعاً عظيماً. وبغريزة متلازمة الطوابير يركض بإتجاه التجمع لينال ربطة خبز، أو جرة غاز، أو مواد إعاشية، أو حتى بضعة ليترات من المحروقات.. وهو يتلمس بطاقته الذكية في جيبه.. وفجأةً.. يرى أناس لا تشبهه، ورغيف الخبز الذي ترك دوره لأجله ولحق بطابور الوهم لا أهمية له هنا في ظل وجود الرغيف السياحي.. الذي يشبع هؤلاء ويجدهم يتدافعون لا على لقمة العيش، بل من أجل الحصول على موبايل الآيفون، فيقبض على ال 50 ليرة الممزقة  في جيبه ويعود ليقف في طابور الخبز مجدداً..

طبقات مستحدثة:
في ظل غياب الطبقة الوسطى وسحقها تحت أقدام الأزمة أصبح لدينا طبقتين في المجتمع.. طبقة الآيفون وطبقة رغيف الخبز، وهنا يبرز السؤال من حنايا القهر والأوجاع، أين هو الحصار الإقتصادي؟ وأين هو قانون قيصر؟.. كيف سنقنع من ينتظر وصول الأقماح أن شركة سورية استطاعت الحصول على جهاز الآيفون الأمريكي _وتحت الأمريكي عشرة خطوط_ قبل أي شركة أخرى بالشرق الأوسط وقبل أن يتم بيعه بأي دولة في هذا الشرق الواسع؟ وبعد الإعلان عنه رسمياً بعشرة أيام فقط؟ وكيف بنا إذا علمنا أن سعر هذا الجهاز يتجاوز الخمسة ملايين ليرة سورية؟
لا بل السؤال الأجدر الموجه للحكومة: متى استطاعت هذه الشركة استخراج إجازات للاستيراد، والانتهاء من معاملات التخليص الجمركي؟ لا بل ويطرح بالأسواق أيضاً؟!..
وهل تم شراء هذه الأجهزة بالليرة السورية أم بالقطع الأجنبي الذي تحاول الدولة توفيره لتأمين المستلزمات الأساسية لمعيشة المواطن؟
وماذا لو تم استيراد القمح والمحروقات بهذه السرعة التي تم استيراد أجهزة الآيفون بها؟ علماً أنه بثمن جهاز واحد فقط من هذه الأجهزة بإمكاننا أن نشتري 5 طن من الطحين على أقل تقدير  - وأقول طحين ولا أقول قمح علماً أن الطحين أغلى من القمح - أسئلة كثيرة نجد أنفسنا كمواطنين عاديين عاجزين عن الإجابة عنها..
وكي لا نتهم بأننا نحسد أصحاب هذه الشركة المستوردة للآيفون، دعونا فقط نستفيد من ذكائها وخبرتها باستيراد المواد الأساسية لملء البطون الخاوية، بدلاً من أن نطلب من طبقة الخبز الصبر، في حين ينعم غيرها بذكاء الآيفون 12
فيكفينا عشر عجاف صبرنا فيها حتى عجز الصبر عن صبرنا، واذا طال الصبر يا أسياد فاعلموا إنه أصبح حيلة من لا حيلة له..
أما أنت عزيزي المواطن فإذا وقفت خلف طابور فاسأل عنه قبل أن تقف، فقد يكون طابور آيفون، وشتان بين ال50 ليرة وال5 مليون ليرة..

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر