حول الحرائق وإمكانية تحويل التهديدات إلى فرص

حول الحرائق وإمكانية تحويل التهديدات إلى فرص

حرائق الغابات ظاهرة عابرة للقارات ولا تستثني دولة متقدمة أو متخلفة. ففي أيلول الماضي احترق أكثر من 3 مليون دونم من ولاية أوريغون الأمريكية خلال أسبوع فقط. وإذا كانت الغابات تغطي مساحات شاسعة من الولايات المتحدة ولا يشكل ذلك الحريق الهائل إلا أقل بقليل من 1 بالألف من مساحة الغابات في ذلك البلد؛ فإن الحرائق التي جرت وتستمر في سورية تشكل كارثة حقيقية أمام مساحة الغابات السورية المحدودة. رغم العقوبات والحرب والفقر والحصار كانت الحرائق تتكرر وبشكل محدود نسبياً في بعض المناطق وبشكل سنوي أو بأشهر متباعدة. إلا ان ما يحدث في هذه السنة وبالأخص هذا الأسبوع الذي شهد عشرات الحرائق المتزامنة يتطلب التفكير بعمق يتجاوز الحسرة أو الحلول العلاجية المعتادة.
يعتمد حدوث الحريق وانتشاره على توافر الحرارة العالية والمواد القابلة للاشتعال والرطوبة القليلة وتواجد الرياح لتسريع الاشتعال وانتقال اللهب. ويمكن إضافة العامل البشري المخرب في حال وجود فاعلين ممن يبحثون عن تدمير "مقصود" للبيئة الزراعية السورية او عن التحطيب وتكوين مكاسب لفرد أو أفراد على حساب كامل الوطن.
خفضت بعض الدول من عدد الحرائق السنوية ومدى انتشارها عبر توعية طلاب المدارس في المنهاج التعليمي ووضع تشريعات ملائمة والتشدد بتطبيقها والأهم من ذلك هو العمل على كيفية وقاية الغابات من الحرائق وصيانة تلك الغابات من الحرائق بإجراءات عديدة نذكر منها
1. تكثيف فتح طرقات وخطوط نار في الغابات السورية لتسهيل صيانتها وإطفاء الحرائق بها.
2. إعادة النظر بغابات الأشجار السريعة الاشتعال. وزراعة بطيئة الاشتعال منها في خطوط النار التي يفترض بها الفصل بين أجزاء كل غابة.
3. تكثر الغابات السورية المشجرة بالصنوبر والسرو وغيره من النوع السريع الاشتعال وبقيت دون صيانة أو "تشحيل" (قص الأغصان المنخفضة لتنمو الأشجار طوليا مع مراعاة ترك جزء من الغصن بجوار الساق عند القص لتسهيل عملية الصعود مستقبلاً لتشحيل الأغصان التي ستنمو مستقبلاً). فتحولت مع الأشجار الحراجية الصغيرة إلى أدغال يصعب على البشر دخولها، فكيف على عربات الإطفاء أو السيارات.
4. ما زال الوقت يسمح بتحويل أزمة الوقود الحالية إلى فرصة لتحصين الغابات السورية ضد المخاطر القادمة. وهذا يتطلب دراسة الغابات السورية بإشراف مختصين لإحصاء أعداد وأنواع ما لم تصله النار من الأشجار ووضع خطة من أجل:
أ‌. حراسة فورية لجميع المساحات المحروقة وتصويرها فورياً ومحاسبة المتساهلين في عمليات التحطيب الجائر التي ستجري قريباً عليها كما بعد كل حريق.
ب‌. تحديد ممنهج لنوعية المساحات التي سيتم تشجيرها أو إعادة تشجيرها مع مراعاة نوعية الأشجار (وكيفية توزيع أماكن زراعتها المتجاورة) وتناسبها مع تضاريس الأرض والتربة واتجاهات الريح وتوافر السقي أو الامطار.
ت‌. إدارة حصيفة للشجر العادي أو السريع الاشتعال بما فيها التقليم أو التقطيع أو القلع لاستبدالها لما هو أقل اشتعالاً أو أكثر فائدة بما في ذلك :
i. تقليم الأغصان الفائضة وإبقاء غصن واحد أو اثنين لمنع تشكل الأدغال.
ii. تشحيل الأشجار العالية إن وجدت بما يضمن صعوبة انتقال النار من الأرض إلى قمم الشجر العالي.
ث‌. توزيع نتيجة التقليم والتشحيل وتقطيع ما يفيض من أغصان وشجيرات على "الفقراء" مجاناً أو بسعر مدعوم وليس تجار الحطب. وهنا يمكن الاستفادة من اليد العاملة الرخيصة أو المجانية أو الراغبة بالعمل طواعية لحفظ الغابات السورية. كما يمكن تحويل الدعم من الوقود (مازوت) إلى الحطب مقابل المساهمة بعمليات التقطيع أو التشحيل بإشراف عمال الأحراج أو تنظيف بقايا عمليات الصيانة الدورية.
ج‌. تشجيع ودعم الحرف الرعوية حيث يساهم الغنم والماعز (حسب الحالة) في قضم الشجيرات الصغيرة والأعشاب وتنظف المساحات تحت الأشجار العالية مما يمنع الانتشار السريع للنيران في المستقبل. ويمكن التحكم في فتح المساحات الحراجية للرعي حسب طبيعة كل غابة وكونها حديثة العهد أو ناضجة وحسب كونها سريعة النمو أو بطيئة.
ح‌. فتح طرق كافية تسمح بالصيانة وتحرك الفرق المعنية والناس داخل الغابات
خ‌. رش دوري للمبيدات العشبية وخاصة في خطوط النار.
د‌. بوجود أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل يمكن في الفصول التي تنتشر بها النيران إنشاء أكواخ مراقبة يتم فيها توظيف هؤلاء العاطلين وتحميلهم مسؤولية عدم الإبلاغ عن أي حريق قد ينسب في منطقة تواجدهم. وتسمح الأعداد الكبيرة من العاطلين عن العمل في تكثيف نقاط المراقبة. وبالتالي محاصرة أي حريق بشكل مبكر قدر الإمكان. كما يمكن زيادة العدد في كل نقطة بحيث يتولى البعض مسك سجل بالوافدين والخارجين من كل غابة وتفتيش الآليات أو الدراجات الآلية المشكوك بأسباب تواجدها بالغابة. وهذا سيوفر العديد من فرص العمل وتمويلها من ريع البيع المدعوم للحطب أو من الغرامات المترتبة على المخالفين أو من موازنة الدولة (ستكون أقل تكلفة من خسائر كل حريق) أو من دعم شركات التامين بتخصيص جزء من قسط تأمين الحريق لهؤلاء أو من كل هذه الموارد مجتمعة.
إنها مقترحات لإجراءات مهما كانت تكلفتها فلن تكون أكبر من تكلفة كوارث النيران المتكررة سنويا وشهرياً وأسبوعياً.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني