أما بعد: مرحلة... اللامعقول!

أما بعد: مرحلة... اللامعقول!

ما يجري حولنا يؤكد أننا دخلنا في مرحلة اللامعقول...

وأعتقد كل منا يخلص إلى هذه القناعة عند مقاربته لأي ملف أو حادثة تتعلق بالشأن العام، مهما كانت أهميتها ونوعها.
قد يكون هذا ليس بجديد، إذ أن حالة اللامعقول سائدة منذ سنوات ليست بالقليلة، لكنها اليوم أصبحت ثقافة شائعة.
فمثلاً... ما يحدث في ملف سعر صرف الليرة منذ بداية الحرب وحتى الآن ليس بالأمر المعقول، لاسيما إذا ما تم فرد جميع الحقائق المتعلقة بهذا الملف وتحليلها بشكل علمي وموضوعي، وبما يخدم مصلحة الدولة ويصون حقوقها وأموالها.
وما نشاهده من "فجور" الفاسدين في مختلف مواقعهم الوظيفية، واستباحتهم للمال العام وحقوق الدولة في هذه المرحلة المصيرية، بعيداً عن المحاسبة المفترض أنها لا تستثني أحد ولا يوقفها اتصال هاتفي، واقع لا يمكن لعقل أن يستوعبه...
وحتى عندما تقتضي الظروف فتح ملف فساد "محرز" في جهة حكومية أو خاصة، فإن حيثيات الملف وأساليب الفساد المتبعة  تدفع إلى الجنون..
وما يجري أيضاً من تكليف للفاشلين وعديمي الكفاءة بإدارة الشأن العام في هذا القطاع أو ذاك، ولدرجة تحول ذلك إلى ثقافة عامة، تؤكد عدم منطقية ما يحدث، إذ ليس هناك بلداً في العالم يواجه حرباً عسكرية وعقوبات اقتصادية خارجية خانقة، ويعهد بإدارة شؤون بعض وزاراته ومؤسساته لإدارات فاشلة، أو عديمة الخبرة والنزاهة، أو فاسدة..!
وإلى ما هنالك من أمثلة تحيط بحياتنا من كل جانب.
اللامعقول في كل ذلك ليس لأن ما يحدث يناقض توقعاتنا وأمنياتنا وأحلامنا بعد تسع سنوات حرب مدمرة، وإنما لأنه يخالف أبسط قواعد المنطق والعقل، والتي نحن بأمس الحاجة لها لسببين:
-السبب الأول ويتمثل في الحاجة إلى تدعيم الوضع الداخلي، وتصحيح الاختلالات البنيوية الكبيرة الحاصلة في عمل مؤسسات الدولة وإدارة الشأن العام، لتكون البلاد قادرة على مواجهة تداعيات الحرب المستمرة والتخفيف من حدة الآثار السلبية للعقوبات الاقتصادية الخارجية.
-أما السبب الثاني فيكمن في إفشال أي محاولة خارجية لتعبئة الرأي العام ضد الدولة بمؤسساتها المختلفة، فمخاطبة الرأي العام تعتمد على المنطق وإعمال العقل بالمستوى نفسه لاعتمادها على مخاطبة الغرائز والعواطف... وربما أكثر . وعندما يسود اللامنطق.... واللامعقول في عملنا يصبح من السهل اصطيادنا.
لكن إلى متى يمكن لمرحلة اللامعقول أن تستمر؟ وما المطلوب حتى يتقلص حضور اللامعقول في حياتنا؟
باعتقادي، وكثيرين مثلي، فإن هذه المرحلة لن تطول لأسباب باتت معروفة للجميع، وإلا فإن النتائج ستكون قاسية على جميع المستويات... بدءاً من تماسك المجتمع بمختلف فئاته، مروراً بثقة المواطن بمؤسسات الدولة، فالقدرة على إخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية الخانقة. وكل ما هو منتظر لمحاصرة هذه المرحلة لا يتعدى قرارين، الأول الاستعانة بالكفاءات والخبرات الوطنية الحقيقية لمناقشة وإدارة الملفات الاقتصادية الرئيسية ومنحها الصلاحيات التي تحتاجها بغض النظر عن مضمون القوانين والأنظمة المعمول بها. أما القرار الثاني والذي ينتظره كل مواطن فيتمثل في إطلاق حملة لا تستثني أحداً من الفاسدين والمتاجرين بقوت الشعب وأثرياء الحرب، ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم... وملاحقتهم داخلياً وخارجياً.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني