ضيافة العيد واجب يثقل كاهل الأسر السورية... فما هي البدائل؟

ضيافة العيد واجب يثقل كاهل الأسر السورية... فما هي البدائل؟

المشهد- محمد الحلبي
 أيامٌ معدودات ويلمع في السماء قمرَ شهرِ شوَّال، ويبدأ الناس يتزاورون فيما بينهم، لكن هذه الأيام غير أيام زمان، إذ تختفي خلف الابتسامات وعبارات الترحيب حيرة بالغة عن واجب الضيافة في هذا العام، وتعود إلى الأذهان العادات والتقاليد التي تعودنا عليها في الأيام الخوالي، حبات الشوكولا المختلفة، وصواني البقلاوة والمعمول بأنواعه وما شابه ذلك، هذه الأصناف التي كان لا يخلوا منها منزل في سورية كلها أيام الأعياد، أما اليوم فطرأ تغير كبير على تلك العادات، وبات واجب الضيافة حمل كبير على عاتق أرباب الأسر، وصار البحث عن ما يحفظ ماء الوجه هو الهم الأول للعديد من الأسر لعدة أسباب قد يكشف تحقيقنا الآتي جانب منها... أسواق الحلويات أسواق الحلويات في الشام لها شهرة واسعة ليس داخل حدود الوطن فحسب، بل في أصقاع العالم كله، إذ أن الحلويات السورية بشكل عام والشامية بشكلٍ خاص غنية عن التعريف، وكان السياح قبل الأزمة مهما شرقوا أو غربوا يجعلون وجهتهم الأخيرة إلى الشام ليبتاعوا ما لذَّ وطاب من أصناف الحلويات العديدة، ويقدموها هدايا لأقربائهم وذويهم، لكن هذه الأسواق تأثرت بشكلٍ كبير جرَّاء حالة الركود العامة التي أصابت مختلف الأسواق مقابل ارتفاع أسعارها بشكلٍ كبير لعدة أسباب أهمها انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية، وغلاء أسعار المواد الأولية الداخلة في تصنيع الحلويات،وقلة اليد العاملة في هذا المجال، لهذا تجد الناس وخلال شهر رمضان يبتاعون الأصناف الأكثر شعبية والأقل سعراً كالقطايف والنمورة والعثملية وحلاوة الجبن والناعم، وقد تفي هذه الأصناف بالغرض على صعيد الأسرة خلال الشهر الكريم، أما من ناحية تقديم واجب ضيافة في العيد فهي غير واردة، فهناك أصناف أخرى لتقديم هذا الواجب كالمبرومة والبللورية والآسية والمعمول وعش البلبل....إلخ. السيد (أبو جمال) الذي التقينا به في سوق الجزماتية المتخصص في بيع الحلويات قال: لم يعد بالإمكان ابتياع كميات كبيرة من الحلويات كالتي كنا نشتريها سابقاً، لأن أسعار الحلويات ارتفعت عشرات الأضعاف عما كانت عليه قبل الأزمة، فيما القوة الشرائية لليرة السورية انخفضت كثيراً في السنوات الأخيرة، وهذا ما يدفع بنا كمواطنين إلى شراء الضروريات فقط من أصناف معينة كالبرازق والغريبة والعجوة لتقديم واجب الضيافة، وأعتقد أن الناس باتت تعذر بعضها بعضاً هذه الأيام، فالحال أصبح واحداً عند أغلب الأسر.. فيما قالت السيدة (أم وائل) ربة منزل أنها اشترت نصف كيلو من العجوة ومثله من الجوز لتقوم بصناعة المعمول على يدها في المنزل، فهذا من شأنه أن يوفر كثيراً من مصاريف واجب الضيافة في العيد، وخصوصاً إذا ما علمنا أن كيلو المعمول الجيد يتخطى العشرون ألف ليرة في بعض المحلات، وأضافت (أم وائل) أنها ستدعم ما ستصنعه بيديها ببعض البرازق والبيتيفور، فهذا يفي بالغرض.. أما السيدة (منى) موظفة قالت: الحلويات أصبحت خارج حساباتنا، وخاصة الحلويات الشرقية، وأنا عن نفسي سأستعيض عنها بالفواكه، فالفواكه تبقى أوفر بكثير من حيث الناحية المادية مقارنة بالحلويات التي وصلت أسعارها إلى أرقام كبيرة لا تقارن بالرواتب التي نتقاضاها... أصحاب الشأن على الطرف الآخر قال السيد (أبو هاشم) صاحب أحد محال الحلويات الشرقية في المرجة أن ارتفاع أسعار المواد الأولية الداخلة في صناعة الحلويات وغلاء اليد العاملة لهذه المهنة بالإضافة إلى ارتفاع ضريبة الدخل المفروضة على محلات الحلويات جعلت من أسعار الحلويات مرتفعة بشكلٍ كبير، ناهيك عن صعوبة تأمين المحروقات و(المازوت) على وجه الخصوص، إذ باتوا يشترونه من السوق السوداء بأسعارٍ مضاعفة عن أسعاره الحقيقية، كل ذلك أدى إلى زيادة الأسعار بشكلٍ جنوني... صاحب محل حلويات آخر وهو من المحلات المشهورة في العاصمة دمشق حيث وصل سعر الكيلو الواحد من الحلويات في محله إلى 30 ألف ليرة قال: أنا أصنع الصنف الممتاز من الحلويات وبالسمن الحيواني والعربي فقط، وحاصل على تسعيرة خاصة بمحلي من مديرية التموين وحماية المستهلك، وهذه الحلويات التي أقوم بتصنيعها خاضعة لمعايير الجودة ومعدة للتصدير فقط، إلا إذا أراد المواطن الشراء بهذه الأسعار فهذا الأمر يعود له وإلى قدرته الشرائية... رئيس مجلس إدارة الجمعية الحرفية للحلويات والبوظة قال إن سبب ارتفاع أسعار الحلويات عائد إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية المكونة لها كالفستق الذي وصل متوسط سعره إلى أربعين ألف ليرة، والسمون والزيوت والبيض، والتي ارتفعت أسعارها بشكلٍ كبيرٍ أيضاً، إضافة إلى ارتفاع ضريبة الدخل المفروضة على أصحاب محلات الحلويات.. على طبق الورد ضيافة الحلويات في الأعياد هي ليست واجب فحسب، بل هي إحدى الطرق لرسم الفرحة والضحكة على وجوه أطفالنا، تلك الضحكة التي أصبح ثمنها غالياً، وأحياناً كثيرة خطفت تلك الضحكة من على وجوههم، فهل نحاول جميعاً إعادتها إليهم، هل من سبيلٍ إلى أن نمسك بأيديهم ونأخذ بهم إلى دنيا الفرح التي غابت عنهم منذ عدة سنوات، فلنتكاتف معاً لتحقيق هذا الأمل، وكل عام وأنتم بخير... ا
حلو

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر