فضائل الحلقة الأضعف!

فضائل الحلقة الأضعف!

يوسف أحمد سعد

حالة من الحيرة والعجب تنتاب المتابعين للحالة السورية، يتساءلون باندهاش كيف لسورية رغم تسع سنوات من الدمار أن تحافظ على هذا الحد الأدنى من الاستقرار المعيشي، وكيف للناس أن تمارس حياتها اليومية  شبه الطبيعية، بعضهم يعلل ذلك بالمعجزة، وقليل من المنافقين أو الغوغاء يعلل ذلك بالإجراءات "الرشيدة" للحكومة، ولكنني لا أرى في ذلك إعجازاً، ولا أرى فيه للحكومة إنجازاً، فعصر المعجزات قد ولى بكل أكاذيبه، وعصر الإنجازات الحكومية  لا ينطلي إلا على من أطلق العنان لكل طاقة الغباء والرياء الكامنة في تلافيف دماغه الأسطوري، وما انهيار العملة الوطنية وألاعيب السعرين الرسمي و" الشعبي" للدولار، وما انهيار الزراعة والصناعة والتعليم إلا غيض من فيض هذه الإنجازات المزعومة، وما اختراع طبقة مدللة من تجار الأزمة تعمل وفق نظرية الثقب الأسود لتبتلع كل شيء تحت عدسات وتلسكوبات هذه الحكومة إلا برهان قاطع على مستوى أدائها واحترامها للمواطن.

وقد فكرت وتفكرت كما غيري في أسباب هذا الاستقرار الاجتماعي المقبول أمام هذه العاصفة الهوجاء، فلم أرى مبرراً لذلك سوى تلك الحلقة التي عملت الحكومة ولم تزل لتكون هي الحلقة الأضعف على الساحتين الاقتصادية والاجتماعية السورية، هي حلقة الفلاح السوري والحرفي والصناعي وكل المنتجين السوريين، هذه الشريحة التي عملت الحكومات المتعاقبة ونجحت كل حكومة إلى هذا الحد أو ذاك لتجعلها شريحة مسحوقة عديمة التأثير في القرار الاقتصادي وعديمة الوزن والاعتبار قياساً بشريحة المستوردين والطفيليين والمهربين.

هذه الحلقة الأضعف التي تزرع الأرض وتكدح وهي تقتنع من الحياة بتأمين قوت يومها ولا تطمح ولا تطمع أن تشكل لها الزراعة وسيلة لشراء معطف بل يكفيها أن تحقق كفايتها من الطعام والدواء وبعض المال لشراء التلفزيون اللازم للاستمتاع بمتابعة تصريحات الوزراء المعنيين بالازدهار الاقتصادي.

هذه الشريحة التي تقبل أن تبيع تنكة زيت الزيتون بمبلغ 25 ألف ليرة أي دون تكلفتها الفعلية وتبيع الخضار والفواكه في سوق الجملة أحياناً بأقل من أجور قطافها وتعبئتها ونقلها هي الشريحة التي تحافظ على الاستقرار المعيشي، ولو أنها باعت منتجاتها كما يبيعها نظرائها في البلدان المجاورة لكان طبق الفول من الأطباق المتعذرة على معظم المواطنين، وهي الشريحة التي تنتج منتجاتها الحرفية والصناعية من ملابس ولوازم  للناس وتقدمها بأسعار قريبة من التكلفة ولا تبتغي سوى كفاف يومها ولا تطمح كما الشريحة صديقة الحكومة لامتلاك العقارات والسيارات والدولارات، هي شريحة تقدم جهدها وعرقها وتكدح وتقدم لكل الناس منتجاتها بسعر رؤوف على حساب أحلامها المشروعة.

هي الحلقة التي تتهمها الحكومة بالهدر وتمننها بالدعم وتطالبها بشد الأحزمة كلما لزم الأمر،هي الحلقة الأضعف عند الحكومة، لكنها الحلقة الأقوى عند الوطن لا يجاريها في القوة سوى سواعد أبناء هذه الحلقة، أبطال الجيش السوري الذي يشكل الملاذ الآمن لأحلامنا جميعاً.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر