هذه ليست حدودنا!

هذه ليست حدودنا!

خاص المشهد - كرم هيثم مخلوف
في تاريخ السوريين الحافل بخيبات الأمل برفقة منتخبهم الوطني، لم يكن أشد المتشائمين يتوقع أن تصل الأمور إلى ما آلت إليه في كأس آسيا الحالية.  فبعد كل تلك الآمال العريضة و التطلعات البعيدة التي سبقت انطلاق المسابقة القارية، نجد اليوم المنتخب و قد خرج من الباب الضيق للبطولة، بعد أن وضعنا معه في دوامة الحسابات الدقيقة للتأهل مجدداً، تلك الحسابات التي أصبحت سمة المنتخب الأبرز.

في كرة القدم لا مكان للغرور، ولا للتكبر، فمهما بلغت من قوة كأفراد و كمجموعة لا يتوجب عليك المبالغة في الاستخفاف بالخصم مهما كان أقل منك في المستوى، و كما يقال في المثل الشعبي ( عندما تمتد الأيادي تتساوى الرؤوس )
فكل مباراة هي معركة حقيقية، و إن كنت تريد الانتصار في الحرب، فعليك أن تحسم أهم المعارك.

ما حدث مع المنتخب كان خليطاً من كل شيء سيء اجتمع مع بعضه البعض ليكون المشهد الختامي قاسياً بهذا الشكل !!
فلا نحن كنا المنتخب الأقوى فنياً و تكتيكياً ولا حتى بدنياً، ولا روحنا كانت تلك الروح القتالية ولا عقليتنا هي عقلية الانتصار، وكأن هذه البطولة أتت لتعري المنتخب من ورقة التوت الأخيرة التي ألبسناه إياها بكل إصرار معتمدين على النتائج التي رافقت مشوارنا في التصفيات المونديالية الأخيرة.
كان من الواضح أن الغرور قد بلغ في نفوس اللاعبين حداً مرعباً، و تصريح الخريبين بعد نهاية لقائنا مع الأردن يوضح كل شيء، فقد قال حرفياً بأن الجمهور السوري وضعنا في نصف النهائي على أقل تقدير من قبل أن تبدأ البطولة، و هذا الأمر أصابنا بالغرور و حدث ما حدث !!

لا يمكننا قبول هكذا تصريح من لاعب محترف، ولكن هل يتحمل اللاعبون وحدهم هذا الخطأ الجسيم علماً بأن معظمهم محترفون، قطعاً سيكون الجواب بالنفي، فهنالك إدارة كاملة مع المنتخب من إحدى مهماتها إبعاد أفراده عن وسائل التواصل الاجتماعي قبيل البطولة، والحد من غرور النجوم إذا ما لاحظت تسربه و تغلغله إلى نفوسهم.
و بالحديث عن إدراة المنتخب، قد لا نأتي بجديد ولا نكشف سراً حينما نقول بأنها فشلت فشلاً ذريعاً، و تتحمل المسؤولية الكاملة عما حدث وما سيحدث مستقبلاً إذا ما ظلت الأمور تسير بذات العقلية و إن تبدلت الأسماء لاحقاً .

المستوى الباهت و شماعة المدرب :
تابعنا بحسرة لقائي فلسطين و الآردن على التوالي، وشاهدنا بأم العين المستوى الباهت للمنتخب، الذي كان شبحاً للفريق الذي سحرنا و أسر قلوبنا في تصفيات المونديال الروسي.
أدركنا بأننا أمام تكتيك عقيم و حلول معدومة في مباراة فلسطين التي لعبت بعشرة لاعبين طوال عشرين دقيقة كاملة. لتكتمل الصورة المزرية في مباراتنا مع الأردن و التي كشفت المستور.
فلم تقصتر السلبيات على الأسلوب أو التكتيك و لا الحلول  الفردية و الجماعية، بل تعدتها لتظهر ما هو أخطر من كل ذلك، انعدام الروح القتالية و الدافع لدى أفراد المنتخب، لتختفي صورة الفريق المحارب الشرس التي ظهرت في تصفيات كأس العالم 2018 وتحل محلها صورة الفريق المستسلم و المنكسر من دون أدنى سبب واضح لهذا التغيير الرهيب.

لا يمكننا بطبيعة الحال إغفال دور المدرب الذي تقع على عاتقه المسؤولية الكاملة  في إظهار الفريق بأفضل صورة، فنياً و نفسياً، من خلال تحفيز اللاعبين و بث الروح فيهم. ولكن هل يعقل بأن نكتشف خلال البطولة بأن هذا المدرب الألماني لا يصلح لقيادة المنتخب !!
أين الجهابذة  القائمين على رياضتنا، هل من المنطقي بأنهم لم يلحظوا بأن هذا المدرب عقيم كروياً، هل من المقبول أن نجرب حظنا بعد انطلاق البطولة عندما تقع الفاس بالراس !!

و من ثم يبقى السؤال الأهم من قام بالتعاقد معه أساساً ؟؟
من المعروف أن عملية اختيار مدرب لأي فريق أو منتخب تتم  وفق معايير محددة و واضحة، ومع تعدد المدارس الكروية حول العالم، هل كانت فعلاً المدرسة الألمانية هي الضالة المنشودة !!
و على فرض بأن من يقوم بعملية البحث عن مدرب وجد بأن كرتنا السورية بحاجة للاستعانة بالمدرسة الألمانية التي تتناسب مع طريقة لعبنا، هل ( شتانغه ) هو خير ممثل و سفير للمدرسة الألمانية ؟؟
أعتقد جازماً بأن من يستطيع الإجابة عن الأسئلة السابقة يعرف تماماً لماذا خرجنا بهذه الطريقة من الباب الضيق و بنقطة يتيمة.

كعادة كل الفرق و المنتخبات ، تتم إقالة المدرب الذي يعتبر الشماعة التي تلقى عليها كل المشاكل و الانتكاسات، و لسنا هنا في صدد الدفاع عن المدرب الألماني، فسارع القائمون على المنتخب بإقالة شتانغه و الاستعانة بالمدرب الوطني فجر إبراهيم الذي تصدى للمهمة بكل شجاعة و خاصة في ظل هذا الواقع المزري، و هو يعلم بأن المهمة شبه مستحيلة، و عليه أن يصلح في أيام قليلة فقط، ما أفسده كل من كانت له يد في التعاقد أساساً مع شتانغه .

خسارتنا مع أستراليا كانت متوقعة و طبيعية و إن اجتاحتنا موجات من التفاؤل في بعض اللحظات، لكن المنطق فرض نفسه في النهاية. و كانت الخسارة بمثابة إعلان نهاية الحلم الجميل الذي عاشته الجماهير السورية و التي وجدت في منتخبها متنفساً و مصدراً للسعادة ينسيها ويلات الحرب و الأزمات الاقتصادية الخانقة.
ضاع الحلم، و ضاعت تلك الصورة الجميلة التي رسمناها في مخيلتنا، عن حلم الوصول للمونديال لولا حظنا العاثر مع القائم الأسترالي اللعين، و عن حلم تخطي الدور الأول في البطولة القارية .

أنا على يقين بأن جماهيرنا التي ذرفت الدموع حزناً على المنتخب ستعود لتشجيعه مرة أخرى عند أول استحقاق، و لكن إلى حينها يجب تدارك كل الأخطاء و العثرات التي مررنا بها، يجب تغيير القائمين على الرياضة في بلدنا، و نسف العقلية البالية في تسيير أمورها، يجب الاستعانة بخبراتنا الرياضية، و إعطاء  نجومنا المحليين فرصتهم الكاملة.

لن نعترف بعبارة ( هذه هي حدودنا ) الشهيرة، فحدودنا هي السماء، ولكن لنبدأ التحليق عالياً، لا بد من إعادة ترتيب البيت الداخلي للرياضة السورية بالكامل، و إلا سنبقى نتحدث عن حجم الخيبة بعد كل استحقاق رياضي ...

 

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر